نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 229
كالأساتذة صبحي القوّتلي ومحمد علي الطيبي وعارف حمزة وإبراهيم السيوفي ... كل هؤلاء (ومن نسيت أكثر ممّن ذكرت) لم يكونوا يتركونه، بل كانوا يوالون عيادته وكانوا يسارعون -عن حبّ ووفاء- إلى إجابة طلباته ويتسابقون إلى تحقيق رغباته. وكذلك كان طلبة العلم مع مشايخهم، فجزاهم الله (وقد مضوا جميعاً إلى رحمته) أفضل الجزاء.
* * *
وجاء يوم العشرين من شعبان، جاء اليوم الذي بدّل مسار حياتي.
كنت أمشي في طريق ممهّد إلى غاية واضحة، فتفجّرَت قنبلة فطمست معالم الطريق، فإذا أنا في قَفرة لا أدري من أين أمشي فيها ولا إلى أين. كنا في خيمة تسترنا عن العيون وتظللنا من الشمس وتدفع عنا لفح الحر ولذع البرد وعَصف الرياح، فكُسر عمود الخيمة فانحطّت فوق رؤوسنا، فلما خلصنا منها إذا نحن مكشوفون معرّضون للأخطار تأكلنا الأنظار، فلا تحمينا درع ولا يسترنا ستار.
في اليوم العشرين من شعبان سنة 1343 مات أبي.
كلكم يعرف معنى كلمة «مات» لأن كل حيّ إلى ممات، وما من أحد إلاّ شهد موت عزيز أو فَقْد حبيب. أما جملة «مات أبي» فلا تعرفون ماذا كان معناها عندي. كان معناها أن هذه الدار الفسيحة لم تعُد دارنا، أن هذا الفرش كله وكل ما في الدار لم يَعُد
نام کتاب : ذكريات نویسنده : الطنطاوي، علي جلد : 1 صفحه : 229