ولا تخفى أهمية هذه الدعوات السابقة، بما حوته من مطالب عالية، وكذلك أنها جاءت بصيغة التفضيل التي تدلّ على الخيريّة، والأفضليّة، وهذا تحقيقاً في تعظيم الرغبة، والطلب في الدعاء الذي أمر به المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((إذَا دَعَا أحَدُكُمْ فَلْيُعَظِّمِ الرغبةَ؛ فَإِنَّه لاَ يَتَعَاظمُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ)) [1].
قوله: ((اللَّهم إني أسألك فواتح الخير وخواتمه)): ((فجمع في السؤال بين طرفي الخير.
قوله: ((وجوامعه)): سأل اللَّه جوامع الخير؛ لأنه ما يجمع الأمر المتفرّق هو أقرب إلى ضبطه, وأسهل لتيسيره، وأقرب لحصوله)) [2].
ثم أكَّد الطلب فقال: ((وأوله، وآخره، وظاهره، وباطنه)) سؤال اللَّه كل الخير من جميع أنواعه، وصوره الظاهرة والباطنة، بأشمل، وأوسع عبارة في السؤال، وكان يغني سؤال اللَّه الخير بلفظة واحدة: ((اللَّهم إني أسألك الخير كله)) لكن في باب التضرع والسؤال، كما
سبق أفضل في البسط والشمول، وحتى يستحضر أنواع الخير التي يتمنّاها العبد من ربه التي فيها سعادته في الدنيا والآخرة, ولا يخفى أن التفصيل في سؤال اللَّه تعالى الخير؛ لأنه تتشوق إليه كل نفس؛ فإن هذا المطلب عزيز في النفوس. [1] ابن حبان، 3/ 177، والدعوات الكبير للبيهقي، 2/ 93، وبنحو منه في صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب العزم بالدعاء، ولا يقل إن شئت، برقم 2679 بلفظ: ((إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن اللَّه لا يتعاظمه شيء أعطاه)). وأما رواية ابن حبان، فصححها الألباني في التعليقات الحسان، 3/ 817، برقم 893. [2] تحفة الذاكرين, 438.