الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [1].
أي أنهم كانوا ملازمين العبادة والطاعة في كل أحوالهم، لا يشغلهم عن ذلك أمر، كما أفاد ذلك الفعل المضارع ((يسارعون))، ومن أدلة السنة ما حكى لنا سيد الأولين والآخرين في قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، فنجاهم اللَّه تعالى [2]؛ لأنهم عرفوه - عز وجل - في حال رخائهم، فأنجاهم يوم شدتهم؛ لذا ينبغي للعبد أن يجتهد غاية الاجتهاد في التقرب إلى اللَّه تعالى، وطلب مرضاته، والإكثار من الأعمال الصالحة، ودعائه حال الرخاء، حتى ينال ما يرجوه، فقد كانت وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عباس رَضْيَ اللَّهُ عنْهُمَا: ((تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ)) [3].
والمراد بالمعرفة المطلوبة من العبد في الحديث هي: ((المعرفة الخاصة التي تقتضي ميل القلب إلى اللَّه تعالى بالكلية، والانقطاع إليه، والإنس به، والطمأنينة بذكره، والحياء منه، والهيبة له)) [4].
ونقل الصحابة هذه الوصية لغيرهم من التابعين، قال رجل لأبي الدرداء: ((أوصني، فقال: اذكر اللَّه في السراء، يذكرك اللَّه - عز وجل - في [1] سورة الأنبياء، الآية: 90. [2] انظر: صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الغار، برقم 3465، ومسلم، كتاب العلم، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، والتوسل بصالح الأعمال، برقم 2743. [3] مسند أحمد، 5/ 19، برقم 2803، المستدرك، 3/ 541، المعجم الكبير للطبراني،
11/ 123، برقم 11243، وصححه الألباني في صحيح الجامع 2961. [4] جامع العلوم والحكم، ص 187.