الشرح:
قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه، جملة من أجلّ العبادات، والمقامات العبودية للَّه تعالى بين يدي دعائه توسلاً عظيماً، من تخصيص العبودية له تعالى من أعمال القلوب، والأركان، فبدأ بالإقرار الكامل له تعالى بالإسلام، والإيمان، والتوكل، والرجوع إليه في كل مهامه وشؤونه الدنيوية، والدينية، والدفاع عنه والمجاهدة لدينه بالحجة والقوة، مقدمة قبل سؤاله؛ ليكون أرجى في القبول، فالوسيلة مقدمة على الوصيلة.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أعوذ بعزتك)): استعاذ بصفة من صفاته العظيمة وهي العزة الكاملة، فمن أراد العزة فليطلبها منه تعالى، قال - عز وجل -: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [1].
ولا تنال العزة إلا بالإيمان بالله تعالى، والخضوع له والتوكل عليه في كل الأمور، قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [2].
وقرن هذه الاستعاذة بـ (لا إله إلا أنت) أي لا معبود بحق إلا أنت مبالغةً في تحقيق العبودية، وطمعاً في الاستجابة: ((أن تضلّني)) أي أن تغويني وتضلّني بعد الهداية، ولا يخفى في تقديم هذه التوسلات من [1] سورة فاطر، الآية: 10. [2] سورة المنافقون، الآية: 8. .