الأعمال الصالحات، وإثبات الوحدانية لربّ الأرض والسموات، والتوسّل بكمال الصفات في الاستعاذة من الضلالات [أن ذلك] يدلّ على أهمية هذا المطلب، وأنه مطلب خطير، قال تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} [1]، وقال عز شأنه: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [2]، فدلّ على أن الهداية والضلال بيد الله تعالى رب العالمين. فينبغي للعبد أن يسأل الله تعالى دائماً أن يعصمه من الضلالة، وأن يُديم عليه الهداية إلى أن يلقاه يوم القيامة.
وفيه دليل على جواز الاستعاذة بصفة من صفات الله تعالى الجليلة.
قوله: ((أنت الحيّ الذي لا يموت والجن والإنس يموتون)) تأكيد لانفراد الله تعالى بالحياة: أي أنت الحيّ لك الحياة الكاملة التي لا يعتريها أي نقص المتصفة بكل كمال، المستلزمة لكل صفات الذات، فحياته تعالى لا يعتريها نوم، ولا نعاس، ولا تبيد، ولا تفنى، والخلق كلهم، ميتون ومنتهون، قال تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [3]، وقال
تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَه} [4].
ففي هذا الدعاء المبارك جمع في بداياته، وطياته ونهاياته، توسلين من التوسّلات العظيمة إلى الله تعالى: التوسّل بالعمل [1] سورة الزمر، الآية: 36. [2] سورة الأنعام، الآية: 39. [3] سورة الفرقان، الآية: 58. [4] سورة القصص، الآية: 88.