فيه مدح له تعالى بالبقاء، وإشارة إلى فناء من سواه من الأحياء، وفي ذلك استمطار لسحائب لطفه - عز وجل - [1]، توسّل إليه بما يناسب مطلوبه باسمه تعالى: {خَيْرُ الْوَارِثِينَ}، بل أتى على وزن (افعل) للتفضيل زيادة في المبالغة في الثناء على اللَّه تعالى، استعطافاً للإجابة.
فاستجاب - سبحانه وتعالى - لدعائه، ورزقه نبياً صالحاً سمّاه اللَّه تعالى {يَحْيَى} - عليه السلام -، وجعل امرأته ولوداً، بعد أن كانت عاقراً، دلالة على كمال قدرته - سبحانه وتعالى -، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
ثم بين - سبحانه وتعالى - سبب إجابته له، فقال عزّ من قائل: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} كانوا يبادرون في وجوه الخيرات على اختلاف أشكالها وأنواعها في أوقاتها الفاضلة، ويكمِّلونها على الوجه اللائق الكامل {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} كانوا ملازمي الخضوع والتضرع في كل الأحوال والأوقات.
{وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا}: أي وكانوا أيضاً يفزعون إلينا بالدعوات، ويسألون الأمور المرغوب فيها، من مصالح الدنيا والآخرة، ويتعوّذون من الأمور المرهوب منها، من مضارّ الدنيا والآخرة، في حال الرخاء، وفي حال الشِّدّة، وجاء اللفظ بصيغة المضارع: {وَيَدْعُونَنَا}: لفائدتين:
1 - كثرة سؤالهم، ومداومتهم في الدعاء بالرغبة والرهبة، كما أفاد [1] روح المعاني، 10/ 129.