نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 723
وما إن وصل خبر مسير النبي صلى الله عليه وسلم ومعه هذا العدد الضخم، وهذه الأسلحة المتنوعة، وفي مقدمة القافلة مائتا فارس بقيادة محمد بن مسلمة حتى أرسلت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكرز بن حفص في نفر من قريش، ليستوضحوا حقيقة الأمر، فقابلوه في بطن يأجج [1] بمر الظهران فقالوا له: يا محمد والله ما عرفناك صغيرًا ولا كبيرًا بالغدر، تدخل بالسلاح الحرم على قومك، وقد شرطت ألا تدخل إلا على العهد، وأنه لن يدخل الحرم غير السيوف في أغمادها, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ندخلها إلا كذلك» ثم رجع مكرز مسرعًا بأصحابه إلى مكة فقال: إن محمدًا لا يدخل بسلاح وهو على الشرط الذي شرط لكم [2].
ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم السلاح خارج الحرم قريبًا منه تحسبًا لكل طارئ، وأبقى عنده مائتي فارس بقيادة محمد بن مسلمة يحرسونه, وينتظرون أمر الرسول ليتحركوا في أي جهة وينفذوا أي أمر، ويقاتلوا متى دعت الضرورة لذلك [3].
إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمن غدر مشركي قريش وخيانتهم, فقد تسول لهم أنفسهم أن ينصبوا كمينًا أو أكثر للمسلمين ويشنوا عليهم هجومًا مباغتًا؛ ولذلك احتاط وأخذ الحذر ووفى بعهده ووعده لقريش, وعلم الأمة لكي تحذر من أعدائها [4] , وفي بقاء كوكبة من الصحابة في حراسة الأسلحة والعتاد لكي يراقبوا الموقف بدقة وتحفز معنى من معاني العبادة في هذا الدين [5].
ثانيًا: دخول مكة والطواف والسعي:
ومن بطن يأجج تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم سيره نحو مكة على راحلته القصواء، فدخلها من الثنية التي تطلعه على الحجون, والمسلمون حوله متوشحون سيوفهم محدقون به كل جانب، يسترونه من المشركين مخافة أن يؤذوه بشيء، وأصواتهم تعج بالتلبية لله العلي الكبير [6].
هذه التلبية الجماعية التي تعج أصوات المسلمين بها، والتي لم تنقطع منذ أن أحرموا واستمرت حتى دخلوا مكة، فقد كان للتلبية مغزى ومعنى، فهي تعلن التوحيد وترفع شعاره، وتعني إبطال الشرك وإسقاط رايته، وتعلن الحمد والثناء على الله الذي مكنهم من أداء هذا النسك [7] .. فهذه بعض معاني تلبية المسلم بقوله: لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. [1] موضع قرب مكة على ثمانية أميال منها. [2] انظر: مغازي الواقدي (3/ 734) , طبقات ابن سعد (2/ 121). [3] انظر: صلح الحديبية لأبي فارس، ص268. [4] المصدر نفسه، ص275. [5] المصدر السابق، ص277. [6] انظر: التاريخ السياسي والعسكري، ص353. [7] انظر: صلح الحديبية، ص277.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 723