نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 597
وعن أنس - رضي الله عنه - أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون يوم الخندق:
نحن الذين بايعوا محمدًا ... على الإسلام ما بقينا أبدًا
أو قال على الجهاد والنبي يقول:
اللهم إن الخير خير الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة (1)
لقد كان لهذا التبسط والمرح في ذلك الوقت أثره في التخفيف عن الصحابة مما يعانونه نتيجة للظروف الصعبة التي يعيشونها، كما كان له أثره في بعث الهمة والنشاط بإنجاز العمل الذي كلفوا بإتمامه، قبل وصول عدوهم [2].
5 - تقدير ظروف الجند والإذن بالانصراف عند الحاجة: كان الصحابة رضي الله عنهم على قدر كبير من الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم, فكانوا يستأذنونه في الانصراف إذا عرضت لهم ضرورة، فيذهبون لقضاء حوائجهم، ثم يرجعون إلى ما كانوا فيه من العمل، رغبة في الخير واحتسابًا له, فأنزل الله فيهم: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور: 62].
ومعنى الآية الكريمة: إذا استأذنك يا محمد الذين لا يذهبون عنك إلا بإذنك في هذه المواطن لقضاء بعض حاجاتهم التي تعرض لهم فأذن لمن شئت منهم في الانصراف عنك لقضائها، واستغفر لهم [3] , فكان النبي صلى الله عليه وسلم بالخيار، إن شاء أذن له إذا رأى ذلك ضرورة للمستأذن، ولم ير فيه مضرة على الجماعة، فكان يأذن أو يمنع حسب ما تقتضيه المصلحة ويقتضيه مقام الحال [4].
6 - تقسيم الصحابة إلى دوريات للحراسة: قسم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى مجموعات للحراسة ومقاومة كل من يريد أن يخترق الخندق، وقام المسلمون بواجبهم في حراسة الخندق وحراسة نبيهم صلى الله عليه وسلم, واستطاعوا أن يصدوا كل هجوم حاول المشركون شنه، وكانوا على أهبة الاستعداد جنودًا وقيادة، حتى أنهم استمروا ذات يوم من السحر إلى جوف من الليل في اليوم الثاني، ويفوت المسلمون الصلوات الأربع، ويقضونها لعجزهم عن التوقف لحظة واحدة أثناء الاشتباك المباشر للقتال، واستطاع علي بن أبي طالب مع مجموعة من الصحابة
(1) مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب (3/ 1432) رقم 129. [2] انظر: القيادة العسكرية في عهد الرسول، ص482. [3] انظر: صفوة التفاسير للصابوني (2/ 351). [4] أحكام القرآن لابن العربي (3/ 1410).
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 597