نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 385
يفرغ أولاً من حديثه، ولم يقاطعوه أو ينازعوه، وبذلك يبقى المجلس على وقاره وهيبته، ولا تختلط فيه الأصوات، ولا يحصل أدنى تشويش [1].
3 - مراجعته صلى الله عليه وسلم فيما أشكل عليهم حتى يتبين لهم:
فمع كمال هيبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشدة تعظيمهم له، لم يكونوا يترددون في مراجعته صلى الله عليه وسلم لاستيضاح ما أشكل عليهم فهمه، حتى يسهل حفظه، بعد ذلك، ولا شك أن هذه المراجعة تعين على تمام الفهم وحضور الوعي، فمن ذلك حديث حفصة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لأرجو ألا يدخل النار أحد إن شاء الله ممن شهد بدراً والحديبية» قالت: قلت يا رسول الله أليس قد قال الله: (وَإِن مِنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا) [مريم: 71] قال: «ألم تسمعيه يقول (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا) [2] [مريم: 72].
ومن ذلك حديث جابر بن عبد الله، عن عبد الله بن أنيس، رضي الله عنهم، الذي رحل جابر إليه فيه، قال ابن أنيس: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يحشر الله العباد - أو قال: الناس - عراة غُرْلاً [3] بُهْماً» قال: قلنا: ما بُهْماً؟ قال: «ليس معهم شيء، ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب: أنا الملك، أنا الديان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار، وعنده مظلمة، حتى أُقِصَّه [4] منه، حتى اللطمة» قال: قلنا: كيف ذا وإنما نأتي الله غرلا بهما؟ قال: «بالحسنات والسيئات». قال: وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) [5] [غافر: 17].
وهكذا استفهم الصحابة عما خفي عليهم، واستوضحوا ما أشكل عليهم فهمه، وهذه المناقشة والمراجعة كان لها أثر كبير في الفهم والوعي والحفظ [6].
4 - مذاكرة الحديث:
كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا سمعوا شيئاً من النبي صلى الله عليه وسلم وحملوا عنه علماً، جلسوا فتذاكروه فيما بينهم وتراجعوه على ألسنتهم، تأكيداً لحفظه، وتقوية لاستيعابه وضبطه والعمل به، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «كنا نكون عند النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع منه الحديث، [1] انظر: مناهج وآداب الصحابة، ص78. [2] ابن ماجة، كتاب الزهد، باب ذكر البعث (2/ 1431). [3] غرلا: جمع أغرل، وهو الأقلف، والغرلة: القلفة: وهي القطعة التي تقطع من الذكر عند الختان. [4] أُقِصَّه: أمكنه من أخذ القصاص ممن ظلمه. [5] أخرجه الحاكم (2/ 437) وصححه ووافقه الذهبي. [6] انظر: مناهج وآداب الصحابة، ص80.
نام کتاب : السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 385