المبحث الثاني: فترة الوحي
وعند الإِمام أحمد زيادة لطيفة في شدة حزن النبي لفتور الوحي، تقول الزيادة "وفتر الوحي حتى حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا حزنًا غدا منه مرارًا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه، تبدى له جبريل - عليه السلام - فقال له: يا محمَّد إنك رسول الله حقًّا، فيسكن ذلك جأشه، وتقرُّ نفسه عليه الصلاة والسلام، فيرجع، فإذا طالت عليه، وفتر الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدى له جبريل - عليه السلام - فقال له مثل ذلك" [1].
50 - من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يحدث عن فترة الوحي:
(بينما أنا واقف، فرفعت رأسي إلى السماء، فهذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسيه بين السماء والأرض، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فَجُئِثتُ منه فرقًا، فرجعت، فقلت: زملوني زملوني دثروني، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [1] قُمْ فَأَنْذِرْ [2] وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ [3] وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [2]. ثم تتابع الوحي [3].
فيكون أول ما أنزل من القرآن ابتداءً {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}، وأول ما نزل من القرآن بعد فترة الوحي وعودة جبريل للنزول على النبي - صلى الله عليه وسلم - {يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [1] قُمْ فَأَنْذِرْ} والله أعلم.
51 - ومن حديث جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - قال: "اشتكى [1] رواه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب حدثنا يحيى بن بكير رقم: 3 فتح الباري: 1/ 22 في كتاب الأنبياء، باب {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى}، وفي التفسير، باب تفسير صورة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} رقم: 4953، فتح الباري: 8/ 715، وفي التعبير، باب أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة.
ورواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بدء الوحي رقم: 160، وأحمد في المسند: 6/ 233، وانظر الفتح الرباني: 20/ 207 - 209. [2] (المدثر 1 - 5). [3] رواه البخاري في كتاب بدء الوحي، باب: 4، حديث رقم: 4، فتح البارى: 1/ 27 وفي التفسير، باب تفسير سورة العلق، رقم: 4959 فتح الباري: 8/ 715، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي، حديث رقم: 161، وفي كتاب الفضائل باب عرق النبي - صلى الله عليه وسلم - في البرد، وحين يأتيه الوحي، حديث رقم: 2333، وأحمد في المسند: 3/ 325، 377، والموطأ: 1/ 202،203، في القرآن باب ما جاء في القرآن.
جئثت: ذعرت.