الحديث الثاني: ما رواه الشيخان من طريق أبي بكر بن حفص قال: سمعت أبا سلمة، يقول: «دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَة عَلَى عَائِشَة، فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ، فَاغْتَسَلَتْ، وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ» [1].
الجواب عن هذه الشُّبْهَة:
الحديث الأول حديث النسائي: ليس فيه عدم احتجاب عَائِشَة رضي الله عنها عن الرجال، فأبو عبد الله سالم سبلان مولى من موالي عَائِشَة رضي الله عنها، والمولى يجوز له النظر إلى سيِّدته، وعَائِشَة رضي الله عنها كانت فقيهة، لا يخفى عليها هذا الأمر؛ ولهذا لما أُعتق أرخت دونه الحجاب كما في الحديث: «وَأَرْخَتِ الْحِجَابَ دُونِي، فَلَمْ أَرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ»، والشواهد من السنة على ذلك كثيرة:
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها ثَوْبٌ، إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَا تَلْقَى قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ
= التاريخ الكبير 4/ 110، والخطيب البغدادي في المتفق والمفترق 3/ 1524 رقم (854)، وقال الألباني: "صحيح الإسناد". ينظر: سنن النسائي 1/ 244 رقم (100)، مع حكم الألباني، اعتنى به: مشهور بن حسن آل سلمان، طبعة مكتبة المعارف - الرياض. [1] أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الغسل، باب الغسل بالصاع ونحوه 1/ 59، رقم (251)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحيض، باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة ... 1/ 256، رقم (320).