responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل    جلد : 1  صفحه : 19
استحضرنا ذلك عند معاملتهم يُخشى من أن لا نعاملهم بالحسنى ولا بالعدل المطلوب منا حسب عقد الذمة ... انتهى). ويقول ابن عاشور رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى (لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم والآخر يوادون من حاد الله ورسوله ... الآية) , وقوله ولو كانوا آباءهم إلى آخره مبالغة في نهاية الأحوال التي قد يقدم فيها المرء على الترخص فيما نهي عنه بعلة قرب القرابة.
ثم أن الذي يحاد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إن كان متجاهراً بذلك معلناً به، أو متجاهراً بسوء معاملة المسلمين لأجل إسلامهم لا لموجب عداوة دنيوية، فالواجب على المسلمين إظهار عداوته، قال تعالى (إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون) ولم يرخص في معاملتهم بالحسنى إلا لاتقاء شرهم إن كان لهم بأس قال تعالى (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تقوا منهم تقاة).
وأما ما عدا هذا الصنف فهو الكافر الممسك شره عن المسلمين، قال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين). ومن هذا الصنف أهل الذمة وقد بين شهاب الدين القرافي في الفرق التاسع عشر بعد المائة مسائل الفرق بين البر والمودة وبهذا تعلم أن هذه الآية ليست منسوخة بآية (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) وأن لكل منهما حالتها ... انتهى).
وقال هذا الفريق من أهل العلم كما ذكرنا أن في البر والإحسان والصلة وحسنِ المعاملة ترغيب للكفار في الإسلام، فهي من وسائلِ الدعوة إلى الله عز وجل، وبعكسه الغلظة والجفوة في التعامل ينفره عن قبول الإسلام قال تعالى في وصف النبي صلّى الله عليه وسلّم (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ). وقال: أبو الفتح البستي:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم * فطالما استعبد الإنسان إحسانٌ
وهذا بخلاف المودة والموالاة؛ فهما يدلان غالباً على إقرارِ الكافرِ على ما هو عليه والرضى به، وذلك يسبب عدم دعوته إلى الإسلامِ، بل في ذلك تغريرٌ به ونحن عندما نلتزم بالبر والإحسان مع غير المسلّمين، لا نفعل ذلك حباً لهم ومودة، وإنما نفعل ذلك طاعة الله ولرسوله صلّى الله عليه وسلّم، وإقامة للعدل والإحسان الذّي أمرنا الله به.
وقالوا أن هناك فرق بين محبة الخير للكافر، وبين محبة شخص الكافر فهناك من يخلط بين محبة الخير للكافر، وبين محبة الكافر لذاته فالمسلم يدعو غير المسلم للإسلام، ويحرص على إسلامه، وهدايته، ويحب إسلامه، ويفرح بذلك أشد الفرح ويستبشر، وهذا من أعظم صور محبة الخير للكافر، ومع هذا فهو لا يحبه لذاته والتفريق بين محبته لذاته، وبين محبة الخير له دقيق جداً، ومهم في فهم هذا الباب. قال ابن تيمية وهو يخاطب أحد ملوك النصارى (ونحن قوم نحب الخير لكل أحد، ونحب أن يجمع الله لكم خير الدنيا والآخرة، فإنّ أعظم ما عُِبد الله به نصيحة خلقه، وبذلك بعث الله الأنبياء والمرسلين ... انتهى).

نام کتاب : بسط القول والإسهاب في بيان حكم مودة المؤمن للكافر نویسنده : البدراني، أبو فيصل    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست