الجهمية نفوا كل الصفات ـ الذاتية والفعلية ـ، ولم يثبتوا إلا ذاتا مجردة، وتبعهم المعتزلة في ذلك.
وهناك طوائف لفّقوا واضطربوا أخذوا من هذا في جانب، ومن هذا في جانب مثل: الكُلَّابية ينفون الصفات الفعلية، وهي المتعلقة بالمشيئة، وكذلك الأشاعرة ينفون كثيرا من الصفات ـ الذاتية والفعلية ـ فيقولون: إنه تعالى لا تقوم به الأفعال الاختيارية.
الأفعال الاختيارية: هي المتعلقة بالمشيئة، مثل: النزول (فعل اختياري) يفعله الرب بمشيئته، والاستواء (فعل اختياري) يفعله الرب بمشيئته، والغضب والرضا والحب، فيغضب إذا شاء، ويرضى إذا شاء، ويحب مَن شاء إذا شاء.
ونُفاة الأفعال الاختيارية بنوه على شبهة باطلة لا أصل لها.
قالوا: إنه تعالى منزه عن حلول الحوادث، فيقال: هذا لفظٌ محدث فليس في القرآن ولا في السنة أن الله تعالى منزه عن حلول الحوادث.
وهو أيضا: لفظٌ مجمل يحتمل حقا وباطلا؛ فمن قال: الله منزه عن حلول الحوادث، نقول: ما معنى قولك: (منزه عن حلول الحوادث)؟
فإن قال: الله منزه أن يحل فيه شيءٌ من المخلوقات.
نقول: نعم هذا حق، اللهُ لا يحل في ذاته شيء من مخلوقاته.
وإن قال: إنه منزهٌ ـ أيضاـ عن أن تقوم به الأفعال الحادثة التي تكون بالمشيئة.
نقول: هذا باطل، الله تعالى يفعل ما يشاء، إذا شاء، كيف شاء، فهو تعالى فعّال لما يريد.
وأهل البدع منهم من نفى الأفعال الاختيارية مطلقا حذرا مما أصّلوه وهو نفي حلول الحوادث.