عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صَلِّ الصلاة لوقتها؛ فإن أدركتها معهم فَصَلِّ؛ فإنها لك نافلة) [1] فهذا يدل على صحة الصلاة خلفهم؛ لأنها تصح نافلة.
وترك إقامة الجمع والأعياد خلف الإمام لفجوره من منهج المبتدعة، ولهذا نص أهل العلم على هذه المسألة في هذا الباب، وإلا فالأصل أن هذه المسألة عملية من الأحكام الفقهية؛ لكن لما لم يكن الخلاف في هذا بين أهل السنة؛ بل أجمعوا على الصلاة خلف الأئمة أبرارا كانوا أم فجارا، نصوا عليه في بيان أصول ومنهج أهل السنة؛ لكن إذا كان هناك إمام عدل وفاسق، فالذي ينبغي الصلاة خلف العدل، وأما الصلاة خلف الفاسق؛ فإنها صحيحة كما قلنا؛ لكن ينبغي هجر وترك الصلاة خلفه إذا أمكن أن يُصلى خلف غيره؛ بل ينبغي السعي في عزله إذا أمكن ذلك بدون مفسدة؛ لأنه لا يجوز تولية الفاجر والفاسق في الإمامة، فمن له قدرة على عزله وإبداله بالعدل وجب عليه، وهذا من إنكار المنكر، لكن محل قولنا: (يُصلى خلفه) إذا لمن تمكن الصلاة خلف غيره، أما إذا أمكنت الصلاة خلف غيره فهي الأولى، وأولى من الصلاة خلف الفاجر الصلاة خلف المخالف في المذهب، فيجوز أن تصلي خلف من يخالفك في بعض أحكام الصلاة، فيجوز أن تصلي خلف من يرى أن أكل لحم الجزور غير ناقض، وأنت تعتقد أن أكل لحم الإبل ناقض، فأنت لو أكلت لحم الجزور لرأيت أن صلاتك لا تصح بدون وضوء، لكن هذا صاحب المذهب الآخر صلاته صحيحة؛ لأن هذا الذي أداه إليه علمه واجتهاده، فلا تُترك الصلاة للخلاف المذهبي في بعض شروط الصلاة؛ لأن في ترك الصلاة لذلك تفريق بين المسلمين، وهذه مفسدة كبرى، وفساد عريض، فلا تترك الصلاة خلف مخالفك في المذهب فيجوز للحنبلي أن يصلي خلف الحنفي أو المالكي أو الشافعي، وكذا العكس. [1] رواه مسلم (648).