الشرك؛ فإنه لا يغفر الله له، وإن كانت ذنوبه دون ذلك فإنها تحت المشيئة، هذا من لم يتب، أما من تاب فيتوب الله عليه مهما كانت ذنوبه كِبَرا وكثرة، كما في قصة الذي قتل تسعة وتسعين نفسا، ثم كمل المائة، ثم تاب توبة نصوحا؛ فقبل الله منه وغفر له. (1)
فهذا هو الدليل على هذا التفصيل، وأن من مات من أهل الكبائر من غير توبة؛ فإنه تحت مشيئة الله إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه.
والذين يخرجهم الله سبحانه من النار منهم من يخرجه بشفاعة الشافعين، وأعظم الناس حظا من أهل الشفاعة هو نبينا - صلى الله عليه وسلم -، فالله يخرج بشفاعته من النار ما لا يخرجه بشفاعة غيره من الملائكة والنبيين والصالحين؛ فإن الملائكة يشفعون، والأنبياء يشفعون، والمؤمنون يشفعون، ويخرج سبحانه من شاء من النار بمحض رحمته لا بسببٍ من جهة بعض العباد، ومرد الأمر كله إلى الله، فالله هو الذي يأذن للشافع بالشفاعة، وهو الذي يقبلها منه، فمرد الأمر كله إليه. (2)
وقوله: (ثم يبعثهم إلى جنته).
بعدما يخرجهم من النار يبعثهم إلى الجنة، كما في الحديث: «وأنهم يخرجون من النار وقد صاروا حُمَمًا، فَيُلْقَون في نهر بأفواه الجنة يقال له: نهر الحياة، فَيَنْبُتُون كما تنبت الحِبَّة في حميل السيل ... فيدخلون الجنة» [3]، بفضله سبحانه وتعالى.
وقوله: (وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته).
هذا تعليل لقوله ـ في أهل الكبائرـ: (وهم في مشيئته وحكمه، إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله ... وإن شاء عذبهم في النار بعدله، ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته) ((ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى
(1) رواه البخاري (3470)، ومسلم (2766) وسيأتي بلفظه في ص 287.
(2) انظر: ص 156. [3] تقدم في ص 156.