الْفَصْل الخَامِس
سُوءُ فَهْمِ الْعَوَامِّ لاَ يُسَوِّغُ إِنْكَارَ النصوص وتَأوِيلَهَا
ذلك أن بعض الناس يجعلون تصديقهم بأمر المهدي مُسَوِّغَا لإعراضهم عن الدعوة إلى الإسلام، وإنكارِ المنكرات، ومنهم من يُسْقِطُ التكاليفَ ويهدرها مُدَّعين أنهم ينتظرون خروجَ المهدي؛ ليغير وجه العالم، نقول لهؤلاء: إن الأمور الكونية القدرية التي أخبر بها الوحي واقعة لا محالة، وغاية ما كلَّفنا الله به إزاءها التصديقُ بها قبل وقوعها [1]، والالتزام بما نصحنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد وقوعها، ولم يأمرنا قطُّ بتكلُّف إيجادها، وهناك الكثير من العقائد الثابتة قد يسيء العوام فهمها؛ فيترتب على ذلك الانحرافُ عن الصراط المستقيم، وما مَثَلُ الاعتقاد في ظهور المهدي، ونزول عيسى عليه السلام، إلا كَمَثَلِ الاعتقاد في القضاء والقدر؛ فقد يسيء الكثيرون فَهم هذه العقيدةِ، وبدلَا من أن تكون حافزَا على الجد والاجتهاد، والتسابق إلى الطاعات، اتخذوها مَطِيَّةَ إلى التواكل، وإهدار التكاليف، بل منهم من استحلَّ بها المحرماتِ، فهل يُعالَج هذا بإنكار الاعتقاد في القضاء والقدر؟ كما زعمت القدرية؟ كيف وهو من أصول الإيمان الستة؟! [1] وذلك مثل أمره صلى الله عليه وآله وسلم مَن سمع بالدجال أن ينأى عنه، ومن أدركه أن يقرأ عليه فواتح سورة الكهف، وكذا أمره المؤمنين -من حضر منهم انحسار الفرات عن كنز من ذهب- ألا يأخذ منه شيئًا.