قال بعض العلماء: المرادُ تشبيه من تقدم بأول النهار إلى الظهر والعصر، في كثرة العمل الشَّاقِ والتكليف، وتشبيه هذه الأمة بما بين العصر والليل في قلة ذلك وتخفيفه، وليس المراد طول الزمن وقصره؛ إذ مدة هذه الأمة أطول من مدة أهل الإنجيل.
وكان لهذه الأمة قيراطان من الأجر؛ لإيمانهم بموسى وعيسى مع إيمانهم بمحمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن التصديقَ عَمَلٌ.
ويدل على ذلك قوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)} [المائدة: 59].
ونختم هذا المبحث بما قالهُ شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في سياق ذم الفلاسفة والمنجّمين، إذ قال -رحمه الله تعالى-: "ولهذا لا تزال أحكامهم كاذبة متهافتة، حتى إن كبير الفلاسفة الذي يسمونه "فيلسوف الإسلام" يعقوب بن إسحاق الكندي عملَ تسييرًا لهذه الملة: زعم أنها تنقضي عام ثلاث وتسعين وستمائة، وأَخَذَ ذلك منه مَن أخرج "مخرج الاستخراج" من حروف كلام ظهر في الكشف لبعض من أعاده، ووافقهم على ذلك مَن زعم أنه استخرج بقاء هذه الملة من حساب الجمل، الذي للحروف التي في أوائل السور" إلى أن قال -رحمه الله تعالى-:
"فهذه الأمور التي توجد في ضُلَّال اليهود والنصارى وضُلَّال المشركين والصابئين من المتفلسفة والمنجمين: مشتملة من هذا الباطل على ما لا يعلمه إلا الله تعالى.