نام کتاب : مختصر التحفة الاثني عشرية نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 156
الأولى بالتصرف يكون مثله، فيكون إماما، إذ لا معنى للإمام إلا الأفضل الأولى بالتصرف. (1)
وفي هذا التمسك خلل بوجوه: الأول - أنا لا نسلم أن المراد بأنفسنا الأمير، بل المراد نفسه - صلى الله عليه وسلم -، وما قاله علماؤهم في إبطاله «إن الشخص لا يدعو نفسه» فكلام مستهجن، إذ شاع وذاع في العرف القديم والجديد أن يقال دعته نفسه إلى كذا، ودعوت نفسي إلى كذا، {فطوعت له نفسه قتل أخيه}، وأمرت نفسي، وشاورت نفسي، إلى غير ذلك من الاستعمالات الصحيحة الواقعة في كلام البلغاء، فكان معنى {ندع أنفسنا} نحضر أنفسنا. وأيضا لو قررنا الأمير من قبل النبي لمصداق {أنفسنا} فمن نقرره من قبل الكفار لمصداق {أنفسكم} في أنفس الكفار مع أنهم مشتركون في صيغة «ندعو» ولا معنى لدعوة النبي إياهم وأبناءهم بعد قوله {تعالوا}. فعلم أن الأمير داخل في الأبناء حكما، كما أن الحسنين داخلان في الأبناء كذلك لأنهما ليسا بابنين حقيقة، ولأن العرف يعد الختن [ابنا] [2] من غير ريبة في ذلك. (3)
وأيضا قد جاء لفظ النفس بمعنى القريب والشريك في النسب والدين، كقوله تعالى {يخرجون أنفسهم من ديارهم} أي أهل دينهم، {ولا تلمزوا أنفسكم}، {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا} فلما كان للأمير اتصال بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وسلم في النسب والقرابة والمصاهرة واتحاد في الدين والملة وكثرة المعاشرة والألفة بحيث قال في حقه «علي مني وأنا من علي» وهذا غير بعيد، فلا يلزم المساواة كما لا يلزم في الآيات المذكورة.
الثاني - أنه لو كان المراد مساواته في جميع الصفات يلزم اشتراكه في خصائص النبوة وغيرها من الأحكام الخاصة به، وهو باطل بالإجماع لأن التابع دون المتبوع. وأيضا لو كانت الآية دليلا لإمامته لزم كون الأمير إماما في زمنه - صلى الله عليه وسلم - وهو باطل بالاتفاق، وإن قيدوا بوقت دون وقت فالتقييد لا دليل عليه في اللفظ فلا يكون مفيدا للمدعى، إذ هو غير متنازع فيه، لأن أهل السنة يثبتون أيضا إمامة الأمير في وقت دون وقت فلم يكن هذا الدليل قائما في محل النزاع أيضا.
(1) ابن المطهر الحلي في نهج الحق: ص 215. [2] زيادة من السيوف المشرقة
(3) قال ابن تيمية في تفسير قوله تعالى: «{وأنفسنا وأنفسكم} أي رجالنا ورجالكم، أي الرجال الذين هم من جنسنا في الدين والنسب، والرجال الذين هم من جنسكم، أو المراد التجانس في القرابة فقط، لأنه قال: أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم، فذكر الأولاد وذكر النساء والرجال، فعلم انه أراد الأقربين إلينا من الذكور والإناث من الأولاد والعصبة، ولهذا دعا الحسن والحسين من الأبناء، ودعا فاطمة من النساء، ودعا عليا من رجاله، ولم يكن عنده أحد أقرب إليه نسبا من هؤلاء، وهم الذين أدار عليهم الكساء، والمباهلة إنما تحصل بالأقربين إليه ... ». منهاج السنة النبوية: 7/ 125.
نام کتاب : مختصر التحفة الاثني عشرية نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 156