نام کتاب : مختصر التحفة الاثني عشرية نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 154
القربى من بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - قرابة، وجزم قتادة [1] والسدي الكبير وسعيد بن جبير بأن معنى الآية: لا أسألكم على الدعوة والتبليغ من أجر إلا المودة لأجل قرابتي بكم. [2] وهذه الرواية أيضا في صحيح البخاري عن ابن عباس، [3] ومذكورة بالتفصيل أن قريشا لم يكن بطن من بطونهم إلا وقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - قرابة بهم، فيذكرهم تلك القرابة وأداء حقوقها بطلبه منهم لا أقل من ترك إيذائه وهو أدنى مراتب صلة الرحم، فالاستثناء منقطع. وقد ارتضى جمع من المفسرين المتأخرين كالإمام الرازي وغيره بهذا المعنى. [4] لأن المعنى الأول ليس مناسبا لشأن النبوة بل هو من شيمة طالب الدنيا بأن يفعل شيئا ويسأل على ذلك ثمرة لأولاده وأقاربه، ولو كان للأنبياء مثل هذه الأغراض لم يبق فرق بينهم وبين أهل الدنيا ويكون ذلك موجبا لتهمتهم فيلزم نقص الغرض من بعثتهم.
وأيضا المعنى الأول مناف لقوله تعالى {قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله} وقوله تعالى {أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون} وقوله تعالى {وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين} وغير ذلك من الآيات. [5] وأيضا حكى الله في سورة الشعراء عن أنبيائه المذكورين فيها نفي سؤال الأجر، فلو سأل خاتم الأنبياء أجرا من الأمة تكون مرتبته دون مرتبة أولئك الأنبياء، [6] وهو خلاف الإجماع.
وثانيا لا نسلم الكبرى وهي «كل واجب المحبة فهو واجب الإطاعة» وكذا لا نسلم هذه المقدمة «كل واجب الإطاعة صاحب الإمامة التي هي بمعنى الرئاسة العامة». فأما الأول فلأنه لو كان وجوب المحبة مستلزما لوجوب الإطاعة يلزم أن يكون جميع العلويين واجبي الإطاعة، لأن شيخهم ابن بابويه ذكر في كتاب (الاعتقادات) أن الإمامية «أجمعوا» على وجوب محبة العلوية. وأيضا يلزم أن تكون سيدتنا فاطمة - رضي الله عنها - إمامة بهذا الدليل، وهو خلاف الإجماع. وأيضا يلزم كون من هؤلاء الأربعة إماما في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، والسبطين إمامين في زمن خلافة الأمير، وهو باطل بالاتفاق. وأما الثاني فلأن كل واجب الإطاعة لو كان صاحب الخلافة الكبرى يلزم أن يكون كل نبي في زمنه صاحب الخلافة الكبرى، وهذا أيضا باطل، لأن شموئيل - عليه السلام - كان نبيا واجب الإطاعة وكان طالوت صاحب الزعامة الكبرى بنص الكتاب.
وثالثا لا نسلم انحصار وجوب المحبة في الأشخاص [1] تفسير ابن كثير: 4/ 79؛ الدر المنثور: 7/ 248. [2] تفسير ابن كثير: 4/ 79؛ الدر المنثور: 7/ 248. [3] صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب قوله تعالى: (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى): 4/ 1819. [4] قال الرازي: «معنى الآية أني لا أسألكم على الدعوة والتبليغ إلا المودة والمحبة لأجل قربتي بكم». التفسير الكبير: 14/ 167. [5] فالأنبياء لا يرجون الأجز من الخلق بل من الخالق. [6] قال ابن بابويه: «إن الله تعالى جعل أجر نبيه - صلى الله عليه وسلم - على أداء الرسالة وإرشاد البرية مودة أهل البيت عليهم السلام ... ». ثم أورد قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى). شرح اعتقادات الصدوق: ص 118.
نام کتاب : مختصر التحفة الاثني عشرية نویسنده : الآلوسي، محمود شكري جلد : 1 صفحه : 154