[بسم الله الرحمن الرحيم] الكلام في البسملة طويل وكثر معنا ونحيل من حيث التفصيل إلى ما ذكرناه سابقًا، ولكن نقول هنا: افتتح بالبسملة إقتداء بالكتاب العزيز لأن الكتاب مبدوء بـ بسم الله الرحمن الرحيم، حيث بدأ الرب جل وعلا سورة الفاتحة وهي أول الكتاب بالبسملة فإقتداء بالكتاب حينئذ نقول نفتتح رسائلنا والكتب التي يكتبها الخلق بالبسملة إقتداء بالكتاب العزيز، وذلك تأسيًا بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - السُنة الفعلية حيث إذا اراد أن يكتب لأحدٍ من الرسائل التي يبعثها إلى الملوك ونحوهم يبدأ بـ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله إلى هرقل عظيم الروم ... ونحو ذلك، وذكر ابن حجر ـ رحمه الله تعالى ـ: في أول فتح الباري لما بسمل البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ قال: وقد استقر عما الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية وكذلك معظم كتب الرسائل فصار إجماعًا بين أهل العلم وذلك قال بعضهم ـ وينسب للشافعي ـ: أنه يسن لكل شارع لكل مدرس ودارس أو معلم أو متعلم ومزوج أو متزوج ونحو ذلك أن يبدأ بماذا؟ بالبسملة، وكذلك بالحمد له وهذه سُنة جرى عليها أهل العلم وخاصةً في المسائل العظام.
[بسم الله الرحمن الرحيم] أُألف حال كوني مستعينًا بذكره متبركًا به لأن الباء هنا للاستعانة، وهذا أهم ما يعتني به المسلم إذا بسمل يستحضر في قلبه معنى البسملة وهو أنه ما ذكر اسم الله تعالى هنا إلا من أجل طلب البركة فيما جعل البسملة له إن أراد أن يتعلم يقول بسم الله يعني يستحضر بقلبه أنه استعان بالله تعالى متبركًا باسمه من أجل أن يجعل له البركة. في ماذا؟ في حفظه وفي محفوظه وفي أكله وشربه ونومه ونحو ذلك، وينبغي أن يعتاد عليه طالب العلم لأنه إذا ذكرت البسملة في أوائل الأمور نقول: أوائل الأمور التي يُهتمُّ بها. قلنا: في جاء في الحديث ـ وهو ضعيف ـ ولذلك نغفله السُنة القولية " كل أمرٍ ـ يعني شأن ـ ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو ابتر " وفي رواية " فهو أقطع " وفي رواية " فهو أجدب " حينئذ نقول: هذه الروايات كلها تدل على أنه ناقص البركة بمعنى أنه إذا ثم حسًا فإن المعنى يكون ناقصًا، فلو قال، لو حفظ وقرأ في العلم دون ان يبسمل مثلاً نقول: قد ينتهي من الكتاب لكن الانتفاع بالكتاب يكون قليلاً، لكن لو استعان بالله تعالى وتبرك باسمه وتبرك باسمه حينئذ تكون البسملة لها أثرها العظيم، إذن بسم الله الرحمن الرحيم أُألف حال كوني مستعينًا بذكره متبركًا به جل وعلا.
قال ـ رحمه الله ـ وهذه العادة الثانية التي يجري عليها الإمام ـ رحمه الله تعالى ـ وهو أنه يفتتح الرسائل بعد البسملة بالدعاء للقارئ والطالب والمتعلم؛ لأنه يدعو له. لماذا؟ لأن الإمام والمعلم والداعي هذا يهدي الناس، ولكن هدايته محصورة في هداية الدلالة والإرشاد، وهذا جزء قليل بالنسبة على ما يترتب على قبول هذه الهداية وهي ما يعنون له بهداية التوفيق.