إن أشد اللحظات تأثيرًا في جميع المعتقدات الإيرانية المتعلقة بالآخرة هي تلك التي يصادف فيها الإنسان الصالح المتوفى ذاته السامية على شكل فتاة جميلة في الربيع الخامس عشر من عمرها تخبره أنها هي روحه، ويتضح هنا تمامًا أن المفهوم والرمز المانويين هنا مقتبسان من الإيمان الإيراني القديم المتعلق بالآخرة.
ودعيت الفتاة السماوية التي تجسد أعمال الإنسان على الأرض، والتي تأثرت صفاتها ومظهرها بهذه الأعمال في النصوص الزرادشتية، باسم "كيونوسين" أي: سلوك الميت، كما تم تقديم الذات السامية في بقايا النصوص بما يعني سلوكها الخاص، هذا وإن التفاصيل فيها دلالات أيضًا.
ويشغل الرداء الممنوح للروح الصاعدة حسب الرأي المانوي دورًا هامًّا في النصوص الزرادشتية المكتوبة بالإيرانية المتوسطة، وفي النصوص الغمطوسية ذات المنشأ الإيراني، وهذا صحيح بشكل خاص بخصوص نشيد اللؤلؤة، وبناء عليه يوجد هنا رمز آخر اقتبسته المانوية من الغمطوسية الإيرانية، ودُعيت أعمال الإنسان الصالحة في اللاهوت الإيراني الهندي باسم "كنز في السماء". ويفسح هذا بدوره المجال للذات العليا؛ ليتم تسميتها باسم "خازن" وبرؤية أن الرداء الفخم هو مجرد رمز آخر لتلك الأعمال، وتُستخدم أغنية اللؤلؤة أحيانًا وصف الخزنة عند التحدث عن حراسها، وتعرف المانوية بعض الصديقين باسم "كنوز الأم المجيدة"؛ لأن أعمالهم هي الإشراف على الأعمال الصالحة، وخدمت أعمال تقويم بعض الآراء الشائعة العائدة للمصطلحات الغمطوسية والمانوية في تقديم المظاهر الرئيسة للإيمان المانوي بالآخرة بقدر ما يتعلق الأمر بأرواح الصالحين، وأما فيما يتعلق بأرواح الآخرين فقد كانت عقيدة ماني عقيدة تقمص.