الجينية والإله: سبق أن ذكرنا أن الجينية كانت نوع من المقاومة للهندوسية، وثورة على سلطان البراهمة، ومن هنا لم يعترف مهاوير بالآلهة، فالاعتراف بالآلهة قد يخلق من جديد طبقة براهمة أو كهنة يكونون سلطة بين الناس والآلهة.
وكرر أنه لا يوجد روح أكبر أو إله أعظم لهذا الكون، ومن هنا سمي هذا الدين دين إلحاد، واتجهت الدينية أن الاعتقاد بأن كل موجود إنسانًا كان أو حيوانًا أو نباتًا أو جمادًا يترك من جسم وروح، وبأن كل روح من هذه الأرواح خالدة مستقلة يجري عليها التناسخ التي اتفق فيه الجينية مع الهندوسية.
هذا هو أساس الفكر الجينية تجاه الإله، غير أن الجينية دين مسالم مبالغ كل المبالغة في البعد عن العنف، حتى إنه يكره قتل الهوام، والحشرات الصغيرة.
وعدم العنف عهد من العهود الأربعة التي وضعها بارسوناث، وهو جينى الثالث والعشرون، وبسبب هذه المسألة اعترف الجينيون بآلهة الهندوس فيما عدى الثالوث برهما، ووشنوا، وسيفا، وكانوا في بادئ الأمر -كما يظهر من كتبهم- يعترفون بالآلهة الهندوس للهندوس، ويحترمونها للمجاملة والمسالمة، ولكنهم عادوا فأجلوها لذاتها، وإن لم يصلوا في إجلالها إلى درجة الهندوس بطبيعة الحال، غير أن العقل البشري يميل إلى الاعتراف بإله، ويحتاج الإلحاد إلى أدلة أكثر من الأدلة التي يحتاجها إثبات الآلهة، ومن هنا وجد فراغ كبير في الجينية، بسبب عدم اعتراف مهاوير بإله يكمل به صورة الدين الذي دعا إليه، وكان من نتيجة ذلك أن اعتبره أتباعه إلهًا، بل عدوا الجيناوات الأربعة والعشرين آلهة لهم، ولعلهم بذلك كانوا متأثرين بالفكر الهندي الذي يميل في الأكثر إلى تعدد الآلهة.