عاد بوذا بعد ذلك إلى رقدته الجسدية متبعًا، وقد ثقل تنفسه، ومع ذلك تكلم، أيها النساك كل شيء زائل مار كمر السحاب، تذكروا هذه الحقيقة واسعوا لحريتكم بالتواضع، والجد ناظرين إلى النهاية، سكت السيد وأغمض عينيه، ودخل في التفكير العميق لا يحرك ساكنًا، ولا يبدوا عليه أنه يشعر بما حوله.
لقد مات السيد، قال "أنندا": أخيرًا زجره بعض الإخوان قائلًا: كلَّا إنه لم يمت، بل طرأت عليه حالة التفكر الذي لا يبقى معها حس، ولكنهم علموا بعد أن راقبوه مدة أن كل شيء قد انتهى، فما كان من بعض الإخوان الذين ما زالوا فريسة للأوهام أن ألقوا أنفسهم على الأرض يتمرغون في الغبار، وينتحبون، إلا أن "أنندا" وأصحابه الذين تحرروا من الأوهام، قالوا لهم: كل شيء زائل أيها النساك، والعقل الذي تحرر من الهوى يعرف ذلك.
ويعرف أيضًا أنه كان لزامًا أن يرافقنا المبارك، وما كان يمكن أن يكون غير ذلك، سمع الرهبان والمنتحبون هذا الكلام، فرجعوا عن سلوكهم المخجل وأُعلن في البلاد أن السيد قد مات، وعلى شاطئ النهر وعلى الأرض الرملية الفسيحة أحرقوا الجثة، وأخذ كل واحد منهم يطوف حولها ثلاث مرات، جامعًا كفيه إزاء صدره، ثم يقف عند قدم المبارك، وينحني احترامًا وإجلالًا.
وقد اجتمع أهالي "كوسينارا" القرويين، فاحتفلوا بموت السيد كما يُحتفل بموت الملوك لأنهم تذكروا أنه كان ابن الملك، ثم جُمع رماد السيد وقسموه إلى ثمانية أجزاء، وأرسلوا كل جزء منها إلى الجهة التي رأوها لائقة به، فبنيت فوق الرماد بنايات عظيمة في الجهات الثمانية".