منهما رئيسها، وأعني بهما: سيبويه رئيس مدرسة البصرة، والكسائي رئيس مدرسة الكوفة.
والمسألة الزنبورية هي المسألة التاسعة والتسعون في كتاب (الإنصاف في مسائل الخلاف)، وقد حفلت بها كتب العلم والأدب، واهتم بها علماء التراجم والطبقات، وقد بدأها أبو البركات الأنباري في (الإنصاف) بقوله: "ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز أن يقال: كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور، فإذا هو إياها، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز أن يقال: فإذا هو إياها، ويجب أن يقال: فإذا هو هي".
أما الكوفيون فاحتجوا بالحكاية المشهورة بين الكسائي وسيبويه، وسرد الأنباري الحكاية كما ذكرها غيره، ونمزج هنا قليلًا بين ما يرويه الأنباري الذي أيَّد سيبويه في هذه المسألة، وبين ما يرويه الزجاجي في كتابه (مجالس العلماء)؛ حيث يروي لنا هذه المسألة على لسان علم من أعلام الكوفيين كان أحد شخصيات القصة، وأحد المحركين لأحداثها، وهو أبو زكريا الفراء الذي كان الساعد الأيمن لشيخه الكسائي؛ رغبة منا في الوصول إلى الحقيقة مجردة من التعصب لفريق من الفريقين.
تقول القصة: إن سيبويه قدم على البرامكة، وهم الذين كانوا وزراء الرشيد، وأصحاب الحظوة عنده، وذكر الفراء أن يحيى بن خالد البرمكي وزير الرشيد عزم على الجمع بينهما أي: بين سيبويه والكسائي، وجعل يحيى للمناظرة يومًا حضر فيه سيبويه مجلس يحيى وعنده ولداه جعفر والفضل، ومن حضر بحضورهم من الأكابر، كما حضره عدد من علماء الكوفة على رأسهم تلميذا الكسائي علي بن الحسن المعروف بالأحمر، والمتوفى سنة أربع وتسعين ومائة من