أساس كان هذا الضبط، اللهم إلا إذا كان على الوقوف على مواضع الكلمات، ومواقعها، ووظائفها، ومفاهيمها على قدر ما تيسر له. وكيف أرشد أبو الأسود ابنته إلى أنها إذا أرادت التعجب من حسن السماء أن تقول: ما أحسن السماءَ، وتفتح فاها، وكيف كان كما قيل قد وضع أبواب العطف، والنعت، والتعجب، والاستفهام وغيرها.
إن ذلك كله وهو قليل من كثير يشهد بوجود العلة النحوية مع هذه القواعد، غير أنها كانت كامنة مستترة في العقول، وإنما تظهر في وقت الحاجة إليها، أو السؤال عنها، كما علمنا مما حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء وأعرابي اليمن، ويمضي الزمن وتمضي معه مدرسة أبي الأسود الدؤلي، ومعه تلاميذه العظام من أمثال: نصر بن عاصم الليثي، وعنبسة الفيل المهري، وعبد الرحمن بن هرمز، ويحيى بن يعمر العدواني من غير أن يحفظ لنا الزمان شيئًا من تراث هؤلاء الأعلام الأكابر، إلا بعض الشواهد الشعرية، أو القراءات القرآنية.
يقول الدكتور شوقي ضيف -رحمه الله تعالى-: "وكل من ذكرنا من تلاميذ أبي الأسود كانوا من قراء الذكر الحكيم، وكان يُؤخذ عنهم النقطان جميعًا، نقط الإعراب، ونقط الإعجام، وكان ذلك عملًا خطيرًا حقًّا، فقد أحاطوا لفظ القرآن الكريم بسياج يمنع اللحن فيه؛ مما جعل بعض القدماء يظن أنهم وضعوا قواعد الإعراب أو أطرافًا منها، وهم إنما رسموا في دقة نقط الإعراب لا قواعده، كما رسموا نقط الحروف المعجمة من مثل: الباء والتاء والثاء والنون". انتهى.
بيد أن أول نحوي نجد عنده طلائع البحث الدقيق في مجال التعليل النحوي هو عبد الله بن إسحاق الحضرمي، المتوفى سنة سبع عشرة ومائة من الهجرة، فهو