نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش جلد : 1 صفحه : 75
رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا} [1]، وقد يُطْلَق الكلام بإزاء المعنى القائِم بالنفس. قال الشاعر [من الكامل]:
28 - إِنّ الكلامَ لَفِي الفُؤادِ وإنّما ... جُعل اللِّسانُ عن الفُؤادِ دَليلا
فإذا كان اسمَ المعنى، كان عبارةَ عمّا يتكلّم به من المعنى؛ وإذا كان مصدرًا، كان عبارةً عن فعلِ جارحة اللسان، وهو المحصِّلُ المعنى المتكَّمَ به؛ وإذا كان اسمًا للمصدر، كان عبارةً عن التكليم، الذي هو عبارةٌ عن فعلِ جارحةِ اللسان. وممّا يُسْأَل عنه هنا الفرقُ بين الكلام، والقول، والكَلِمِ. والجوابُ: أنّ الكلام عبارةٌ عن الجُمَل المفيدةِ، وهو جنسٌ لها؛ فكلُّ واحدة من الجملِ الفعليّةِ والاسميّةِ نوعٌ له، يصدق إطلاقُه عليها، كما أنّ الكلمة جنسٌ للمفردات، فيصح أن يقال: كلُّ "زيدٌ قائمٌ" كلامٌ، ولا يقال: كلُّ كلامٍ "زيدٌ قائمٌ". وكذلك مع الجملة الفعليّة. وأمّا الكَلِمُ فجماعةُ "كلمةٍ"، كـ "لَبِنَةٍ"، و"لَبِنٍ"، و"ثَفِنَةٍ" [2] و"ثَفِنٍ". فهو يقع على ما كان جَمْعًا، مفيدًا كان أو غيرَ مفيدٍ. فإذا قلت: "قام زيدٌ" أو"زيدٌ قائمٌ"، فهو كلامٌ، لحُصولِ الفائدة منه. ولا يقال له: كَلِمٌ. لأنّه ليس بجمعٍ، إذ كان من جُزْأَيْن، وأَقلُّ الجمع ثلاثةٌ. ولو قلت: "إنّ زيدًا قائمٌ"، و"ما زيدٌ قائمٌ"، كان كلامًا من جهة إفادته، وتسمَّى كَلِمَا لأنّه جمعٌ.
وأما "القولُ " فهو أعمُّ منهما، لأنّه عبارةٌ عن جميع ما ينطق به اللسانُ، تامًّا كان [1] النحل: 73.
28 - التخريج: البيت للأخطل في شرح شذور الذهب ص 35؛ وشرح الجمل 1/ 15؛ ولم أقع عليه في ديوانه.
اللغة: الفؤاد: القلب، وقيل: وسطه، وقيل: غشاؤه.
المعنى: الكلام الحقيقي هو الكلام الصادر عن القلب فعلًا، وما اللسان إلّا رسول للناس بما يصدر عن القلب.
الإعراب: "إن": حرف مشبه بالفعل. "الكلام": اسم "إنّ" منصوب بالفتحة. لفي: اللام: هي اللام المزحلقة، وحذف الخبر بعدها، "في": حرف جر. "الفؤاد": اسم مجرور بفي، والجار والمجرور متعلقان بالخبر المحذوف، بتقدير: إن الكلام لموجود في الفؤاد:."وإنما": الواو: استثنافية، "إنما": كافّة ومكفوفة. "جعل": فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح. "اللسان": نائب فاعل مرفوع بالضمة. "على الفؤاد": جار ومجرور متعلقان بـ "دليلًا". "دليلًا": مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة.
وجملة "إن الكلام ... ": ابتدائية لا محلّ لها. وجملة "جعل": استئنافية لا محلّ لها.
وقد ذكر البيت هنا للاستشهاد على أن الكلام قد لا يكون ظاهرًا مسموعًا؛ وانّما يراد به المعنى القائم بالنفس. [2] الثَّفِنة: المركبة، ومن كلّ ذي أربع: ما يُصيب الأرض منه إذا برك. (لسان العرب 13/ 78 - 79 (ثفن)).
نام کتاب : شرح المفصل نویسنده : ابن يعيش جلد : 1 صفحه : 75