الفهم هو امتثال صورة الشيء في الذهن، أو إدراك معاني الكلام، الفهم هو: إدراك معاني الكلام. يا من يريد ويقصد طريق الفهم السهل، هذا من إضافة الموصوف إلى الصفة، إذا أغلق الباب على طالب العلم وصعبت عليه الفهوم في فهم الكلام كلام الله جل وعلا وكلام نبيه - صلى الله عليه وسلم - وكلام العلماء وقصد الطريقة السهلة في الفهم ليدرك مغاليق العلوم والفهوم قال له: (اجْنَحْ إِلَى النَّحْوِ). (اجْنَحْ) من الجنوح وهو الميل، يعني: مل بِكُلِّيَّتِكَ ورغبتك (إِلَى النَّحْوِ)، يعني: إلى تعلم فن النحو. (إِلَى النَّحْوِ) أي: إلى تعلم فن النحو، وفن النحو عرفه أربابه بأنه: علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابًا وبناء. علم أي: إدراك، بأصول، أي: بقواعد، يعرف بها، أي: بواسطة هذه القواعد والأصول العامة يعرف بها أحوال أواخر الكلم، أي: الكلمات العربية، أواخر الكلمات هنا متعلق النحو هو: آخر الكلمة العربية. فأخرج الأوائل والأواسط، إذًا مبحث النحوي لأن طالب العلم ينبغي أن يعرف في أي شيء يبحث النحو؟ مبحث النحوي ليس في كل الكلمة من أولها إلى آخرها وإنما يتعلق بحثه وعلمه وإدراكه للقواعد المتعلقة بخواتيم الكلمة التي تسمى لام الكلمة، أما ما يبحث في الأول وفي الثاني أو الأواسط أو الأثناء فهو علم الصرف، ففَلْس يجمع على فُلوس هنا تغيرت حركت الفاء فَلْس وَفُلوس، وفَلس مصغر على فُلَيْس، تغير أول الكلمة وتغير أثناء الكلمة، ما الذي يبحث عن أوائل الكلمة وأواسطها؟ نقول: هذا الصرفي. أما النحوي فلا مدخل له في أوائل الكلمات ولا في أثنائها، بقي ماذا؟ بقي الأخير الحرف الأخير، الحرف الأخير هنا يتعلق به مبحث الصرفي ومبحث النحوي، يعني: أن الصرفي ينظر في الحرف الأخير كما ينظر في الحرف الأول والأثناء، فاشترك مع النحوي إلا أن جهة النظر مختلفة فلكل وجهة هو موليها، فالنحوي يبحث في آخر الكلمات عن الإعراب والبناء، ولذلك قلنا: إعرابًا وبناءً. مبحث النحوي عن آخر الكلمة من جهة كونها معربة أو مبنية وهل يتعلق مبحث الصرفي بأواخر الكلم؟ نقول: نعم كالتخلص من التقاء الساكنين {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: 2] {قُمِ} هذا فعل أمر مبني على السكون، أين السكون؟ غير ملفوظ به، لم؟ لأنه التقى ساكنان {قُمِ اللَّيْلَ} قم ال اللام والميم ماذا حصل؟ التقى ساكنان، إذا التقى ساكنان ماذا نصنع هل نلجأ إلى النحوي ليحل لنا الإشكال أو الصرفي؟ نقول: للصرفي. لماذا؟ لأن التعلق هنا بالأخير لا من جهة كونه معربًا أو مبنيًّا وإنما من جهة كونه حصل التقاء ساكنين والتقاء الساكنين هذا باب كامل يدرس في فن الصرف فالتقى ساكنان فوجب تحريك الأول بالكسر على الأصل فقيل: {قُمِ اللَّيْلَ}. إذًا تعلق مبحث الصرفي بآخر الكلمة لكن لا من جهة كونها معربة أو مبنية، فلذلك نقول: علم بأصول.