مبحث الصرفي في الكلمات العربية وهذه قبل التركيب ولذلك نقول: دعا زيدٌ عمرًا. دعا، دعَا فعل ماضي مبني على فتح المقدر أنت ركبتها وهي دَعَا ولا دَعَوَ؟ دَعَوَ؟ دعا، قلت: دعا زيد. وقبل التركيب حصل إعلال للقلب وهو كون هذه الألف منقلبة عن واو أصلها دَعَوَ فأجري عليه مبحث الصرفيين بتطبيق القاعدة السابقة فقلبت الواو ألفًا ثم ركبت فحينئذٍ لا يشترط في مبحث الصرفيين في تعلقه بالكلمات العربية أن تكون بعد التركيب وإنما النظر إلى المفردات من حيث هي لأن متعلق القواعد العامة التي عندهم لا ترتبط بالتركيب لأن الذي يرتبط بالتركيب هو الإعراب والبناء، حينئذٍ نقول: الكلمات العربية هي موضوع فن الصرف والكلمات هذه جمع كلمة والمراد بالكلمة قول مفرد وهي: اسم، وفعل، وحرف. إذًا هي ثلاثة أنواع: اسم، وفعل، وحرف. هل كل الكلمات العربية تكون متعلقة بمبحث فن الصرف أم بعضها دون بعض؟ الجواب: الثاني. ليس كل اسم يتعلق به فن الصرف، وليس كل فعل يتعلق به فعل مبحث الصرفية، وإنما بعض الأسماء دون البعض وبعض الأفعال دون البعض والحرف لا تعلق له أصلاً، حينئذٍ يعرف طالب العلم أن المبحث هنا ليس متعلقًا بكل ما هو كلمة لأن الكلمة ثلاثة أنواع: اسم، وفعل، وحرف. بل هو متعلق ببعضها دون بعض والذي يتعلق به مبحث الصرفيين شيئان أو أمران لا ثالث لهما: الاسم المتمكن، والأفعال المتصرفة. الاسم المتمكن، والفعل المتصرف وإن شئت قل: الأفعال المتصرفة ما عدا ذلك وهو الحرف بأنواعه والاسم المبني والفعل الجامد لا مبحث للصرفيين فيها البتة.
الاسم المتمكن المراد به المعرب، ولذلك سُمِّيَ الْمُتَمَكِّن ويقال: الأمكن لماذا؟ لأنه تمكن في باب الإعراب بحيث لم يشبه الحرف فيبنى ولا الفعل فيبنى أو ينصرف أليس كذلك؟ .. لا، الاسم الْمُتَمَكِّن هو مقابل للاسم غير المتمكن لأن الاسم إما أن يكون متمكنًا وإما أن يكون غير متمكن، الاسم غير المتمكن هذا هو المبني وهو ما أشبه الحرف، الاسم غير المتمكن هو المبني وهو ما أشبه الحرف شبهًا قويًا، لذلك قسم ابن مالك الاسم إلى معرب ومبني.
وَالاسْمُ مِنْهُ مُعْرَبٌ وَمَبْنِي ... لِشَبَهٍ مِنَ الْحُرُوفِ مُدْنِي (1)
إذًا القسمة ثنائية ولا ثالث لهما وخطئوا من أثبت الواسطة، فالاسم الذي أشبه الحرف هذا مبني إذًا المعرب هو الذي لم يشبه الحرف، الذي لم يشبه الحرف هو المعرب وهذا قسمان ويسمى بالمتمكن وهو قسمان:
متمكن أمكن.
ومتمكن غير أمكن.
المتمكن الأمكن هذا الذي يدخل تنوين التمكين، المصروف كزيد وعمرو وبيت ومسجد ... إلى آخره هذه نقول: أسماء معربة متمكنة ويدخلها تنوين التمكين وهو التنوين الدال على تمكن الاسم في باب الاسمية أو باب الإعراب بحيث لم يشبه الحرف فيبنى ولا الفعل فيمنع من الصرف، يقابله المتمكن غير الأمكن وهو الذي أشبه الفعل وهو الممنوع من الصرف.
(1) ألفية ابن مالك البيت 15.