الأطباء فقالوا: ليس لها دواء إلا القطع، قال: فقطعت، فما تضور وجهه" [1] اهـ.
فهذه الحادثة وقعت لإمام من الأئمة المبرزين المعروفين، واشتهرت في زمانه وما بعده، ومع ذلك فإننا لم نجد أحدًا من أهل العلم رحمهم الله أنكر على هذا الإمام الجليل فعله، بل نجدهم ينصون في كتبهم على جواز فعل هذه الجراحة الطبية عند الحاجة إليه.
وقد عرف المسلمون في العصور التي ازدهرت فيها البلاد الإسلامية نماذج كثيرة من الجراحة، وكانت تجرى للناس من قبل الأطباء [2] بل ألف علماء الطب المسلمون كتبهم المشتملة على عدد كبير من الجراحات الطبية [3]، ومع ذلك فإننا لم نجد من أنكر عليهم ذلك لا في عصرهم ولا فيما بعده من العصور إلى يومنا، ولو وجد ذلك لنقل إلينا لأن الدواعي الموجبة للعناية بنقله متوفرة، ومن أهمها حاجة الناس إلى بيان حكم الشرع في هذه الأمور، وحرصهم على التحذير
= الأموي ولد -رحمه الله- سنة 50 من الهجرة وبويع له بالخلافة بعد وفاة أبيه عبد الملك بعهد منه سنة 86 من الهجرة، بنى المسجد النبوي ووسعه، والجامع الأموي، وفتح الهند والسند والاندلس، ودخلت الجيوش الإسلاميه في عهده إلى الصين توفي -رحمه الله- في سنة 96 من الهجرة. البداية والنهاية لابن كثير 9/ 161 - 166. [1] حلية الأولياء للأصبهاني 2/ 179، ومعنى فما تضور وجهه أي لم يتغير. [2] الطب الإسلامي د. أحمد طه ص 53 - 64، ودراسات في تاريخ العلوم عند العرب حكمت نجيب ص 69، 70، وفضل علماء المسلمين على الحضارة الأوربية د. عز الدين فراج ص 243 - 251. والطب عند العرب والمسلمين د. محمود الحاج قاسم ص 105 - 171. [3] من تلك المؤلفات كتاب الحاوي لمحمد بن زكريا الرازي والتصريف لمن عجز عن التأليف للزهراوي، والاستقسام والإبرام في علاج الجراحات والأورام، لمحمد بن علي القربلياني.