مثل النزف، والورم الحار، ثم بين له ما ينبغي عليه فعله عند حدوثها، ولم يقف عند ذلك بل فرض احتمال العجز عن التمكن من الاستئصال فاقترح طريقًا بديلاً عن سابقه، فدلل بذلك كله على شخصيته الفذة التي أحكمتها التجارب وامتازت بالمعرفة الواسعة.
وفي جراحة الحنجرة تكلم عن عملية استئصال اللوزتين، وذلك في الفصل الخامس والثلاثين كما تكلم عن شق الحنجرة بسبب الورم الذي يحدث في داخل الحلق، وذلك في الفصل الثالث والثلاثين ووصف في جميع ذلك الآلات الجراحية التي يستعملها الجراح، وكان وصفه في جميع ذلك في غاية الوضوح والدقة [1] مع عنايته المستمرة بتنبيه الجراح على الأمور التي تنبغي مراعاتها أثناء قيامه بمهمته، والمخاطر والصعوبات التي قد تواجهه وكيفية التغلب عليها عند حدوثها [2].
وفي جراحة الفم والأسنان تكلم -رحمه الله- عن هذا النوع من الجراحة في أكثر من ثلاثة فصول من تلك المقالة، ووصف لأول مرة -كما شهد ذلك بعض المختصين- عملية جرد الأسنان والطريقة التي تتم بها، والآلات التي يحتاجها الجراح في مهمتها. [1] الجراحة عند الزهراوي. د. أحمد مختار منصور ص 469 - 472، من بحوث المؤتمر العالمي الثاني عن الطب الإسلامي جـ4، وتاريخ الطب وآدابه وأعلامه للشطي ص 281. [2] تعتبر هذه ميزة من مميزات الزهراوي رحمه الله في كتاباته التي وصف بها الجراحة، ولذلك يقول: "فرند" أحد الأطباء الغربيين: " .. إنه -أي الزهراوي- أول من نبه إلى الاحتياطات الواجب اتخاذها لمنع أخطار العمليات الجراحية، وقد ذكرها عند الحديث عن كل عملية جراحية" اهـ. فضل علماء المسلمين على الحضارة الاوربية. د. عز الدين فراج ص 246، وتاريخ الطب وآدابه وأعلامه للشطي ص280.