المطلب الأول في (رخص الطهارة)
والأصل فيها قول الحق تبارك وتعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا ... } [1].
فرخص الله عز وجل للمريض أن يعدل عن فرض الوضوء إلى رخصة التيمم نظرًا لوجود الموجب للتخفيف وهو العجز عن استعمال الماء لكون المريض، والمتداوي بالجراحة قد يعجز عن استعمال الماء في طهارة الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر، وذلك لأن الجروح تتأذى بغلسها بالماء، ولذلك عتب النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصحابة أمرهم للرجل الذي أصابته الجراح فأجنب بالغسل، فاغتسل فمات فقال عليه الصلاة والسلام: "قتلوه قتلهم الله" [2].
فهذا يدل دلالة واضحة على أن وجود الجرح الذي يتضرر صاحبه بغسله يجيز لصاحبه العدول عن غسله إلى مسحه إن أمكن أو التيمم إن عم البدن أو جله، وغلب على ظن صاحبه التلف، أو حصول ضرر بالغسل والوضوء لو اغتسل وتوضأ. [1] سورة المائدة (5) آية 6. [2] رواه أبو داود في سننه 1/ 142، والدارقطني 1/ 189، 190، وترجم له بقوله: "بأن جواز التيمم لصاحب الجراح مع استعمال الماء وتعصيب الجرح" وهذا الحديث صححه ابن السكن. انظر نيل الأوطار للشوكاني 1/ 257.