" ... قطع الحجام لحمًا من عينه، وكان غير حاذق فعميت فعليه نصف الدية" [1] اهـ.
فقوله: "وكان غير حاذق" المراد أنه جاهل بتلك المهمة التي قام بفعلها، ثم بين حكمه وأنه يجب عليه ضمان نصف الدية، لأن العين من الأعضاء المثناة في جسم الإنسان تضمن الدية كاملة بتلف كلتا العينين ونصفها بتلف الواحدة منهما كما هو الحال في مسألتنا [2].
وقال الشيخ أحمد بن غنيم النفراوي المالكي [3] -رحمه الله-: " ... إن عالج بالطب المريض، ومات من مرضه لا شيء عليه، بخلاف الجاهل أو المقصر فإنه يضمن ما نشأ عن فعله ... " [4] اهـ.
فاعتبر -رحمه الله- الجهل بالفعل موجبًا لضمان ما نشأ عن ذلك الفعل من ضرر.
وقال الشيخ شهاب الدين القليوبي الشافعي -رحمه الله-: "شرط الطبيب أن يكون ماهرًا بمعنى أن يكون خطؤه نادرًا وإلم يكن [1] الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 290، ومثله في الدر المختار للحصكفي 2/ 290. [2] أجمع العلماء -رحمهم الله- على أن الأعضاء المثناة في الإنسان: كالعينين، واليدين، والرجلين، والأذنين، ونحوهما تجب الدية بتلفهما، ونصف الدية بتلف العضو الواحد منهما، الإجماع لابن المنذر ص 73، ومغني ذوي الأفهام لابن عبد الهادي ص 208. [3] هو الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم المهنا النفراوي المالكي، ولد -رحمه الله- سنة 1043 من الهجرة، وهو فقيه مشارك في بعض العلوم، وتوفي سنة 1125 من الهجرة، وله مصنفات منها: الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، شرح الآجرومية، شرح على الرسالة النورية. معجم المؤلفين. عمر كحالة 2/ 40. [4] الفواكه الدواني للنفراوي 2/ 440، ومثله في تبصرة الحكام لابن فرحون 2/ 243، والعقد المنظم للحكام لابن سلمون 2/ 80، بهامش التبصرة.