فبين -رحمه الله- عموم دلالة قوله -عليه الصلاة والسلام-: "من تطبب"، ونص على أنه شامل للطبيب الجراح وأن تخصيص العرف للفظ الطب ببعض أنواعه، لا يمنع من اعتبار الأصل الموجب لشموله جميع فروع الطب ومنها الجراحة.
كما بين دخول الطبيب الواصف بالقول، والفعل، وفي حكمه الطبيب الفاحص.
ومن هذا كله نخلص إلى القول بإيجاب الضمان على كل من الطبيب الجراح، والطبيب الفاحص، إذا قاما بفعل أي مهمة من المهمات الجراحية في حال جهلهم، ونتج عنها ضرر بالمريض.
وكما دلت السنة على إيجاب الضمان على هذا الصنف من الأطباء، كذلك دل الإجماع.
قال ابن رشد الحفيد: "لا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنه يضمن لأنه متعد" [1] اهـ.
وهذا الإجماع وإن كان بصيغة غير جازمة في حكاية الاتفاق فإنه تؤكده عبارات الفقهاء -رحمهم الله- التي نصوا عليها في كتبهم على اختلاف مذاهبهم، وكلها دالة على إيجاب الضمان على الطبيب الجاهل.
قال الشيخ زين الدين بن إبراهيم بن نجيم الحنفي [2] -رحمه الله-: [1] بداية المجتهد لابن رشد 2/ 418. [2] هو الشيخ زين الدين بن إبراهيم بن محمد بن محمد المصري الشهير بابن نجيم فقيه، أصولي، توفي -رحمه الله- سنة 970 من الهجرة، وله مصنفات منها: البحر الرائق شرح كنز الدقائق، شرح منار الأنوار في الأصول، الأشباه والنظائر. معجم المؤلفين عمر كحالة 4/ 192.