وقد ذهب البعض إلى أن الطبيب إذا اتفق مع المريض ثم امتنع عن معالجته حتى مات فإنه يعتبر قاتلاً متعمدًا إذا كان امتناعه على وجه العمد، أو لأسباب واهية ويثبت القصد في الامتناع [1].
وهذا القول ليس بمسلم على إطلاقه من الناحية الشرعية، فامتناع الطبيب عن المداواة إذا كان لأسباب واهية فإنه يعتبر وجودها شبهة موجبة لدرء الحد [2] عنه خاصة إذا تأول فيها، فظن أنها مقنعة في نظره، وفي الحقيقة أنها ليست بمقنعة، وبظنه لكونها مقنعة ينتفي فيه قصد العمد.
وأما إذا امتنع مع علمه بحصول الضرر فلا يخلو إما أن لا يغلب على ظنه موت المريض، وإما أن يغلب على ظنه موته.
فإن لم يغلب على ظنه موت المريض فلا إشكال في أنه يعتبر ظنه شبهة مسقطة للحد أيضًا، والقصد لموته منتف على هذا الوجه فانتفى الحكم بوجوب قتله واعتباره متعمدًا.
وأما إذا غلب على ظنه موت المريض فلا تخلو الجراحة التي امتنع عن فعلها من حالتين:
الحالة الأولى:
أن يغلب على ظنه عدم نجاة المريض بعدها، إما لاستفحال المرض واليأس من شفائه منه، أو غير ذلك من الأعذار، ففي هذه الحالة يعتبر المريض في حكم الأموات، والامتناع المذكور ليس فيه [1] السلوك المهني للأطباء د. التكريتي ص 151. [2] أجمع أهل العلم -رحمهم الله- على درء الحدود بالشبهات. انظر الإجماع لابن المنذر 69.