عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "فر من المجذوم فرارك من الأسد" [1]، فأثبت انتقال العدوى وتأثيرها بقدرة الله عز وجل [2] وهو أمر تشهد به العادة والتجربة، وقد ثبت طبيًا انتقال المرض من المصاب به إلى غيره عن طريق المخالطة، سواء في المأكل أو المشرب، أو الملبس ونحو ذلك [3].
لهذا فإن المريض إذا كان مصابًا بمرض جراحي معدي فإنه يهدد المجتمع، ومن ثم يصبح الحق في إزالة هذ المرض المعدي راجعًا إلى مصلحة المجتمع، فإذا امتنع المريض من الموافاقة على إجراء هذا النوع من الجراحة كان امتناعه واقعًا في غير موقعه لكونه متضمنًا الضرر بالغير.
ومن قواعد الفقه الإسلامي "أن الضرر يزال" [4].
ولو قيل: إن المريض إذا امتنع من الإذن بها إنما هو ممتنع لخوف [1] رواه البخاري في صحيحه 4/ 12. [2] اختلفت الأحاديث الواردة في شأن العدوى، فظاهر هذا الحديث أنها ثابتة وأنه ينبغي على الإنسان أن يجتنب مخالطة المرضى المصابين بالأمراض المعدية. وحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا عدوى ولا طيرة" الثابت في الصحيح يدل على نفيها، ولذلك اختلف العلماء -رحمهم الله- في حكمها والصحيح الذي عليه الجمهور -رحمهم الله- أنه لا تعارض بين الحديثين وأن المقصود بحديث "لا عدوى" نفي ما كانت الجاهلية تزعمه، وتعتقده أن المرض والعاهة تعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى، وأما حديث: "لا يورد ممرض على مصح" فإنه يشتمل على الإرشاد إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وقدره، وهذا الجمع أشار إليه النووي -رحمه الله- ونسبه للجمهور. والله تعالى أعلم. شرح صحيح مسلم للنووي 14/ 213، 214، وصحيح البخاري 4/ 12، 13. [3] الموسوعة الطبية الحديثة لمجموعة من الأطباء 5/ 934. [4] الأشباه والنظائر للسيوطي 83، والأشباه والنظائر لابن نجيم 85.