وهذا النوع من الجراحة يعتبر مشروعًا وجائزًا، نظرًا لما يشتمل عليه من إنقاذ النفس المحرمة الذي هو من أجلِّ ما يتقرب به إلى الله عز وجل، وهو داخل في عموم قوله سبحانه: {وَمَن أحْيَاهَا فَكَأنَّمَا أحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [1]، ولأنه كما جاز استئصال الداء الموجب للهلاك من جسم المريض كذلك يجوز استخراج الجنين إذا كان بقاؤه موجبًا لهلاك أمه، بجامع دفع الضرر في كل.
وكذلك شق بطن المرأة الحامل الميتة من أجل إنقاذ جنينها الحي، فكما يجوز شق البطن للعلاج والتداوي، كذلك يجوز شقها لإنقاذ النفس المحرمة، ولأن بقاءها في البطن بدون ذلك يعتبر ضررًا محضًا، فتشرع إزالته بالجراحة اللازمة للقاعدة الشرعية التي تقول: "الضرر يزال" [2].
قال الإمام ابن حزم -رحمه الله-: "ولو ماتت امرأة حامل، والولد حي يتحرك قد تجاوز ستة أشهر فإنه يشق عن بطنها طولاً، ويخرج الولد، لقوله تعالى: {وَمَنْ أحْيَاهَا فَكَأنمَا أحْيَا الناسَ جَمِيعًا} ومن تركه عمدًا حتى يموت فهو قاتل نفس" [3] اهـ.
فاعتبر -رحمه الله- فعل هذا النوع من الجراحة فرضًا لازمًا على الطبيب إذا امتنع من فعله عمدًا كان قاتلاً، لامتناعه من فعل السبب الموجب للنجاة مع قدرته على فعله. [1] سورة المائدة (5) آية 32. [2] الأشباه والنظائر للسيوطي ص 83، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 85، وشرح القواعد الفقهية للزرقاء ص 125. [3] المحلى لابن حزم 5/ 166.