فهي خوف الموت ولا يشترط أن يصبر حتى يشرف على الموت ... " [1].
فبين -رحمه الله- الحد الذي يصير الإنسان ببلوغه مضطرًا، وهو خوف الموت وأنه لا يتوقف الحكم بكونه مضطرًا على صبره إلى أن يشرف على الموت، ومن ثم فإنه يحكم للمصاب بهذه الحالات وأمثالها بكونه مضطرًا بمجرد الإصابة، وظهور الدلائل والأمارات التي يستهدى بها على وجودها.
وإذا ثبت الحكم بكون المريض يصير مضطرًا إذا أصيب بمرض جراحي مميت، فإنه يتفرع على ذلك الحكم بجواز فعل المحظورات التي قد يتطلبها إنقاذه بالجراحة كالتخدير، وكشف العورة المحتاج إلى كشفها لفحص أو عمل جراحي ونحوها، فهذه الأمور وأمثالها الأصل فيها الحرمة والحظر، ولكن لمكان الضرورة الداعية إلى فعلها حكمنا بجوازها للقاعدة الشرعية التي تقول: "الضرورات تبيح المحظورات" [2].
فمشقة الخوف على النفس تعتبر أعلى درجات المشقة الموجبة للتخفيف في الشريعة الإسلامية، وقد أشار الإمام السيوطي -رحمه
= الهجرة، وهو من فقهاء المالكية، وترجم له الحضرمي بقوله: "كان رجلاً ذا مروءة كاملة حافظاً متفننًا ذا أخلاق فاضلة، وديانة، وعفة، وطهارة، وشهرته دينًا وعلمًا أغنت عن التعريف به، له جملة تآليف في غير فن وبرنامج لا بأس به" اهـ.
قتل شهيدًا -رحمه الله-. نيل الابتهاج للتنبكتي ص 239. [1] القوانين الفقهية لابن جزي ص 94. [2] الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 85، وإيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك للونشري ص 365، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 84، وإيصال السالك للولاتي ص35.