الأمر السابع عشر: ينزل المرأة قبرها من لم يطأ في الليلة السابقة؛ لحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: شهدنا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على القبر، فرأيتُ عينيه تدمعان، فقال: ((هل فيكم من أحد لم يقارف الليلة؟)) فقال أبو طلحة، أنا، قال: ((فانزل في قبرها)) [فنزل في قبرها] فقبرها ... )) [1].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: ((وفي هذا الحديث جواز البكاء كما ترجم له، وإدخال الرجال المرأة قبرها؛ لكونهم أقوى على ذلك من النساء، وإيثار البعيد العهد عن الملاذ في مواراة الميت - ولو كان امرأة - على الأب والزوج، وقيل: إنما آثره بذلك؛ لأنها كانت صنعته، وفيه نظر؛ فإن ظاهر السياق أنه - صلى الله عليه وسلم - اختاره لذلك؛ لكونه لم يقع منه تلك الليلة جماع، وعلَّل ذلك بعضهم بأنه حينئذٍ يأمن من أن يذكّره الشيطان بما كان منه في تلك الليلة، وحكى ابن حبيب أن السر في إيثار أبي طلحة على عثمان أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة فتلطّف - صلى الله عليه وسلم - في منعه من النزول في قبر زوجته [2] بغير تصريح، ووقع في رواية حماد المذكورة فلم يدخل عثمان القبر، وفيه جواز الجلوس على شفير القبر عند الدفن)) [3]. [1] البخاري، كتاب الجنائز، باب من يَدخُلُ قبر المرأة، برقم 1342، وباب زيارة القبور، برقم 1285، وما بين المعقوفين من هذا الموضع. [2] رجح الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري، 3/ 158: أنها أم كلثوم رضي الله عنها بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجة عثمان - رضي الله عنه -. [3] فتح الباري لابن حجر 3/ 159.