ورحمة)) [1]؛ ولحديث عائشة رضي الله عنها أنها سُئِلت كيف كان عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: ((كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستطيع)) [2].
وفي هذه الأحاديث الحثُّ على المداومة على العمل وإن قلّ، والاقتصاد في العبادة، واجتناب التعمق والتشدد، وأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّ [3].
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن الله لا يملُّ حتى تملُّوا)) هذا الملل لا يشابه ملل المخلوقين، وليس فيه نقص ولا عيب، بل كما يليق بالله - عز وجل -، وسمعت الإمام عبد العزيز ابن باز-رحمه الله- يقول: ((هذا مثل بقية الصفات، ومن مقتضاه أنه لا يقطع الثواب حتى تقطعوا العمل)) [4].
سابعاً: جواز صلاة التطوع جماعة أحياناً:
لا بأس أن يصلي المسلم صلاة التطوع جماعة أحياناً؛ لحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: ((صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فأطال حتى هممت بأمر سوءٍ، قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه)) [5]؛ ولحديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: ((صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مسترسلاً، إذا مرَّ بآية تسبيح سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مرَّ بتعوذٍ
تعوَّذ ... )) [6]. وعن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: ((قمت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة فقرأ سورة البقرة، لا يمرُّ بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمرُّ بآية عذاب [1] متفق عليه: البخاري، كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، برقم 6464، 6467، ومسلم، كتاب صفات المنافقين، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله، برقم 2818. [2] متفق عليه: البخاري، كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل، برقم 6466، ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضيلة العمل الدائم، برقم 783. [3] انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 6/ 316. [4] سمعته من سماحته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 1970. [5] متفق عليه: البخاري، برقم 1135، ومسلم، برقم 773، ويأتي تخريجه. [6] مسلم، برقم 772، ويأتي تخريجه.