يبكي ويقول: ((لست من العالمين)) [1]،ولابد لمن تدبر القرآن أن يجاهد بقلبه وفكره؛ لينال هذا العلم العظيم، وقد قال يحيى بن أبي كثير: ((لا يُنال العلم براحة الجسم)) [2]، ولا ينال العلم إلا بهجر اللذات وتطليق الراحة، ولا ينال درجة وراثة النبوة مع الراحة [3].
ولا شك أن التأمل في القرآن هو: تحديد ناظر القلب إلى معانيه وجمع الفكر على تبصره، وتَعقُّله، وهو المقصود بإنزاله، لا مجرد تلاوته بلا فهم، قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب} [4]،وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُون} [5].
وينبغي للإنسان أن يبتعد عن مفسدات القلب الخمسة التي تحول بينه وبين التدبر، وتحول بينه وبين كل خير، وهي: التمنّي، وخلطة الناس، والتعلق بغير الله تعالى، وكثرة الطعام أو المحرمات، وكثرة النوم؛ فإنها مفسدات للقلوب [6].
والتدبر للقرآن والعمل به هو المقصود من إنزاله.
ولهذا قيل: ذهاب الإسلام على يدي أربعة أصناف من الناس: صنف لا يعملون بما يعلمون، وصنف يعملون بما لا يعلمون، وصنف لا يعملون ولا [1] مفتاح دار السعادة، لابن القيم، 1/ 226. [2] صحيح مسلم، برقم 175 - (612) .. [3] ابن القيم، في مفتاح دار السعادة، 1/ 446. [4] سورة ص، الآية: 29. [5] سورة الزخرف، الآية: 3. [6] انظر: مدارج السالكين لابن القيم، 1/ 451 - 459.