وقربه ما يناله المقبل على ربه - عز وجل - الحاضر بقلبه في صلاته، فينصرف من صلاته، مثلما دخل فيها بخطاياه، وذنوبه، وأثقاله، لم تُخَفَّفْ عنه بالصلاة، فإن الصلاة إنما تكفّر سيئات من أدَّى حقَّها، وأكمل خشوعها، ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقالبه [1].
ولمواجهة كيد الشيطان، وإذهاب وسوسته، أرشدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى العلاج الآتي: عن أَبِي الْعَاصِ - رضي الله عنه - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي، يَلْبّسُهَا عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ، فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ، وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلَاثًا))، قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنّي [2].
ومن كيد الشيطان للمُصلّي: ما أخبرنا عنه - صلى الله عليه وسلم -، وعن علاجه فقال: ((إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلّي جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ)) [3].
ومن كيده كذلك ما أخبرنا عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: ((إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ حَرَكَةً فِي دُبُرِهِ أَحْدَثَ أَوْ لَمْ يُحْدِثْ فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا)) [4].
بل إن كيده ليبلغ مبلغاً عجيباً كما يوضحه هذا الحديث، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن الرجل يخيّل إليه في صلاته أنه أحدث ولم [1] الوابل الصيب لابن القيم، ص: 36 - 37. [2] مسلم، كتاب السلام، باب التعوذ من شيطان الوسوسة في الصلاة، برقم 2203. [3] البخاري، كتاب السهو، باب السهو في الفرض والتطوع، برقم 1232، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب السهو في الصلاة والسجود له، برقم 389. [4] البخاري، كتاب الوضوء، باب من لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، برقم 137، ومسلم، كتاب الحيض، باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك، برقم 361، وأبو داود واللفظ له، كتاب الطهارة، باب إذا شك في الحدث، برقم 177.