لفظ: ((يَا بِلالُ أَقِمْ الصَّلاةَ أَرِحْنَا بِهَا)) [1].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (( ... الصلاة إنما تُكفّر سيئات من أدَّى حقها، وأكمل خشوعها، ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقالبه، فهذا إذا انصرف منها وجد خِفّةً من نفسه، وأحسَّ بأثقال قد وضعت عنه، فوجد نشاطاً، وراحة، وروحاً، حتى يتمنَّى أنه لم يكن خرج منها؛ لأنها قُرَّة عينه، ونعيم روحه، وجنة قلبه، ومستراحه في الدنيا، فلا يزال كأنه في سجن وضيق حتى يدخل فيها، فيستريح بها، لا منها، فالمحبون يقولون: نُصلّي فنستريح بصلاتنا، كما قال إمامهم، وقدوتهم، ونبيهم - صلى الله عليه وسلم -: ((يَا بِلالُ أَرِحْنَا بِالصَّلاةِ)) [2]، ولم يقل: أرحنا منها، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)) [3]، فمن جُعلت قرة عينه في الصلاة، كيف تقرّ عينه بدونها، وكيف يطيق الصبر عنها؟)) [4].
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: ((والمقصود أن ما تقرَّ به العين أعلى من مجرَّد ما يحبه، فالصلاة قُرّة عيون المحبين في هذه الدنيا؛ لما فيها من مناجاة من لا تقرّ ... العيون، ولا تطمئن القلوب، ولا تسكن النفوس إلا إليه، والتنعم بذكره، والتَّذلُّلُ والخضوع له، والقرب منه، ولا سيما في حال السجود، وتلك الحال أقرب ما يكون العبد من ربه فيها، ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((يا بلال أرحنا بالصلاة)) فأعلم بذلك أن راحته - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، كما أخبر أن قرّة عينه فيها، فأين هذا من قول القائل: نصلي، ونستريح من الصلاة. [1] أبو داود، كتاب الأدب، باب في صلاة العتمة، برقم 4985، و 4986، وأحمد في المسند، برقم 23154، 38/ 225، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 3/ 225. [2] أبو داود، برقم 4985، 4986، وأحمد 3154، وتقدم تخريجه في الذي قبله. [3] النسائي برقم 3940، وأحمد، برقم 12293، وصححه الألباني، وتقدم تخريجه. [4] الوابل الصيب، ص 51 - 52.