وفي السنن - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إنَّ الْعَبْدَ لَيَنْصَرِفُ مِنْ صَلَاتِهِ، وَلَمْ يُكْتَبْ لَهُ مِنْهَا إلَّا نِصْفُهَا، إلَّا ثُلُثُهَا، إلَّا رُبُعُهَا، إلَّا خُمُسُهَا، إلَّا سُدُسُهَا، إلَّا سُبُعُهَا، إلَّا ثُمُنُهَا، إلَّا تُسْعُهَا، إلَّا عُشْرُهَا)) [1].
ويُقال: إن النوافل شُرِعَتْ لجبر النقص الحاصل في الفرائض، كما في السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ مِنْ عَمَلِهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ أَكْمَلَهَا، وَإِلَّا قِيلَ: اُنْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتْ بِهِ الْفَرِيضَةُ، ثُمَّ يُصْنَعُ بِسَائِرِ أَعْمَالِهِ)) [2]، وهذا الإكمال يتناول ما نقص مطلقاً.
وأما الوسواس الذي يكون غالباً على الصلاة، فقد قال طائفة، منهم أبو عبد الله بن حامد، وأبوحامد الغزالي، وغيرهما: إنه يوجب الإعادة أيضاً لما أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذّنُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ فَإِذَا قَضَى التَّأْذِينَ أَقْبَلَ فَإِذَا ثُوّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ فَإِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطُرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ فَيَقُولَ: اُذْكُرْ كَذَا اُذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلَ لاَ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلّمَ)) [3]، وقد صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: الصلاة مع الوسواس مطلقاً، ولم يفرق بين القليل والكثير.
ولا ريب أن الوسواس كلّما قلّ في الصلاة، كان أكمل، كما في الصحيحين من حديث عثمان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((أنَّ مَنْ تَوَضَّأَ [1] أبو داود، برقم 796، وحسنه الألباني، وقد تقدم تخريجه. [2] أخرجه أبو داود في سننه، 1/ 229، برقم 864، والترمذي في سننه، 2/ 269، برقم 413، وقال: ((حسن غريب))، والنسائي في سننه، 1/ 233، برقم 466، وابن ماجه في سننه، 1/ 458، برقم 1425، جميعاً عن أبي هريرة، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 4/ 20، وفي صحيح ابن ماجه، 1/ 240. [3] البخاري، برقم 608، ومسلم، برقم 389، وتقدم تخريجه.