ويقول في أذان الفجر بعد حي على الفلاح: ((الصلاةُ خيرٌ مِنَ النوم، الصلاةُ خيرٌ من النوم)) [1]؛ ولحديث أنس - رضي الله عنه - قال: ((من السنة إذا قال المؤذن في الفجر: حيّ على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم)) [2]، فيكون أذان بلال بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة جملة، والإقامة إحدى عشرة جملة، ومما يؤكد ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - قال: ((أُمِرَ بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، إلا الإقامة)) [3]، والمعنى يأتي بالأذان مثنى مثنى، أو أربعًا أربعًا، فالكل يصدق عليه أنه شفع، وهذا إجمال بينه حديث عبد الله بن زيد، وحديث أبي محذورة، فشفع التكبير في أوله أن يأتي به أربعًا أربعًا، وشفع غيره أن يأتي به مرتين مرتين، وهذا بالنظر إلى الأغلب، وإلا فإن كلمة التوحيد في آخر الأذان، وفي آخر الإقامة مفردة بالاتفاق، والتكبير في الإقامة وتر بالنسبة إلى التكبير الرباعي في الأذان، وكذلك يكرر التكبير في آخر الإقامة، ويكرر لفظ الإقامة وتفرد بقية الألفاظ [4].وإن أذن وأقام بما في حديث أبي محذورة فلا بأس [5]. [1] أخرجه النسائي من حديث أبي محذورة، في كتاب الأذان، باب الأذان في السفر، 2/ 7، برقم 633، وابن خزيمة في صحيحه، 1/ 200، برقم 385. [2] أخرجه ابن خزيمة، 1/ 202، برقم 386. [3] متفق عليه: البخاري، كتاب الأذان، باب: الأذان مثنى مثنى، برقم 605، ومسلم، كتاب الصلاة، باب الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة، 1/برقم 378. [4] انظر: فتح الباري لابن حجر، 2/ 83، وسبل السلام للصنعاني 2/ 65. [5] وصفة الأذان في حديث أبي محذورة فيه الترجيع، وهو أن يقول: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله، أشهد أن محمدًا رسولُ الله يخفض بها صوته، ثم يرفع صوته: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله))، ويكمل كما في حديث عبد الله بن زيد. أحمد في المسند، 3/ 409، 6/ 401، وأبو داود برقم 502،والنسائي، برقم 631،والترمذي، برقم 192، وابن ماجه، برقم 709، ورواه مسلم، برقم 379 لكن بتثنية التكبير في أوله.
والإقامة في حديث أبي محذورة - رضي الله عنه - بتربيع التكبير، والباقي مثنى: ((الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله)). النسائي، برقم 633،فيكون أذان أبي محذورة تسع عشرة كلمة، وإقامته سبع عشرة كلمة، كما رواه النسائي، برقم 630.قال ابن تيمية - رحمه الله-: ((وإذا كان ذلك كذلك، فالصواب مذهب أهل الحديث ومن وافقهم، وهو تسويغ كل ما ثبت من ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكرهون شيئًا من ذلك، إذ تنوع صفة الأذان والإقامة كتنوع صفة القراءات والتشهدات)). الفتاوى، 22/ 66، وسمعت سماحة شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله - يقول: إن الأفضل أذان بلال وإقامته بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والصواب أن هذا من خلاف التنوع كالتحيات والاستفتاحات. سمعته أثناء شرحه للحديث رقم 93 من بلوغ المرام، وانظر: مجموع فتاواه، 10/ 434، 337، 366.