المبحث العاشر: مفهوم الصلاة
الصلاة لغة: الدعاء، قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِم بِهَا وَصَلّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [1]. أي ادع لهم، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا دعي أحدكم فليجب، فإن كان صائمًا فليصلّ، وإن كان مفطرًا فليطعم)) [2].أي فليدع بالبركة والخير والمغفرة [3].
والصلاة من الله حسن الثناء، ومن الملائكة الدعاء، قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيمًا} [4]. قال أبو العالية: ((صلاة الله: ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة: الدعاء)) [5]. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ((يصلون: يُبَرّكون)) [6].
وقيل: إن صلاة الله الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار.
والصواب القول الأول [7]. قال الله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مّن رَّبّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمهْتَدُونَ} [8]. أي عليهم ثناء من الله ورحمة [9]، فعطف الرحمة على الصلوات والعطف يقتضي المغايرة [10].
فالصلاة من الله الثناء، ومن المخلوقين: الملائكة، والإنس، والجن: القيام، والركوع، والسجود، والدعاء، والتسبيح، والصلاة من الطير والهوام: [1] سورة التوبة، الآية: 103. [2] أخرجه مسلم، كتاب النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي إلى الدعوة، 2/ 1054، برقم 1431. [3] انظر: النهاية في غريب الحديث، لابن الأثير، باب الصاد مع اللام، 3/ 50، ولسان العرب لابن منظور، باب اللام، فصل الصاد، 14/ 464، والتعريفات للجرجاني، ص174، وانظر المغني لابن قدامة، 3/ 5. وشرح العمدة لابن تيمية، 2/ 27 - 31. [4] سورة الأحزاب، الآية: 56. [5] البخاري معلقًا مجزومًا به، قبل الحديث رقم 4797. [6] البخاري معلقًا مجزومًا به، قبل الحديث رقم 4797. [7] انظر: تفسر القرآن العظيم لابن كثير ص1076، والشرح الممتع لابن عثيمين، 3/ 228 - 229. [8] سورة البقرة، الآية: 157. [9] تفسير القرآن العظيم، لابن كثير ص135. [10] الشرح الممتع لابن عثيمين، 3/ 228، وسمعت هذا المعنى من الإمام عبد العزيز ابن باز أثناء تقريره على الروض المربع، 2/ 35.