أدركت أحدا من أهل العلم ولا بلغني إلا على الاستثناء.
قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: سمعت سفيان بن عيينة يقول إذا سُئل: أمؤمن أنت؟ إن شاء لم يجبه، وإن شاء قال: سؤالك إياي بدعة، ولا أشك في إيماني، ولا يعنف من قال: إن الإيمان ينقص، أو قال: إن شاء الله، ليس يكره، وليس بداخل في الشك.
قال: وسمعت أبا عبد الله يقول: إذا قال أنا مؤمن إن شاء الله، فليس هو بشاك، قيل له: إن شاء الله أليس هو شك؟! فقال: معاذ الله، أليس قد قال الله عز وجل: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ}؟! وفي علمه أنهم يدخلونه، وصاحب القبر إذا قيل له: وعليه تبعث إن شاء الله، فأي شك ههنا؟ وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون».
وقال أبو داود: سمعت أحمد قال له رجل: قيل لي: أمؤمن أنت؟ فقلت: نعم، هل عليَّ في ذلك شيء؟ هل الناس إلا مؤمن وكافر؟ فغضب أحمد وقال: هذا كلام الإرجاء، قال الله عز وجل: {وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ} من هؤلاء؟ ثم قال أحمد: أليس الإيمان قول وعمل؟ فقال الرجل: بلى، قال: فجئنا بالقول؟ قال: نعم، قال: فجئنا بالعمل؟ قال: لا، قال: فكيف تعيب أن تقول: إن شاء الله وتستثني.
قال أبو داود: فأخبرني أحمد بن شريح أن أحمد بن حنبل كتب إليه في هذه المسألة: أن الإيمان قول وعمل، فجئنا بالقول ولم نجيء بالعمل، فنحن مستثنون في العمل.