فصل
وأما بدعة القدرية فإنها حدثت في آخر عصر الصحابة، فأنكرها من كان منهم حيا؛ كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس وغيرهما - رضي الله عنهم -، وكذلك أئمة التابعين، ومن بعدهم من الأئمة.
وقد روى الإمام أحمد، ومسلم، وأهل السنن، وغيرهم عن يحيى بن يعمر أنه قال لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قِبَلنا ناس يقرؤون القرآن، ويتقفرون العلم، يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنف، فقال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم بُرآء مِنِّي، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أُحُد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر. الحديث.
وقال عبد الله ابن الإمام أحمد في كتاب "السنة": حدثني أبي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن سعيد بن حيان، عن يحيى بن يعمر قال: قلت لابن عمر -رضي الله عنهما-: إن ناسا عندنا يقولون: الخير والشر بقدر، وناس عندنا يقولون الخير بقدر، والشر ليس بقدر، فقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: إذا رجعت إليهم فقل لهم: إن ابن عمر يقول: إنه منكم بريء، وأنتم منه برآء.
وقال أيضا: حدثنا أبي، حدثنا هشيم، أخبرني أبو هاشم، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ذكر عنده القدرية قال: فقال: لو رأيت