الله إذا عصيته، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني؟!»، وفي رواية: «ألا تأمنوني وأنا أمين مَن في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء».
وقد اختلف في معنى قوله: «لقد خبت وخسرت» بناء على اختلاف الرواية في ضبط هذين الحرفين، فرُوي بضم المثناة، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": بضم المثناة للأكثر؛ ومعناه ظاهر ولا محذور فيه، والشرط لا يستلزم الوقوع؛ لأنه ليس ممن لا يعدل حتى يحصل له الشقاء، بل هو عادل فلا يشقى، وحكى عياض فتحها، ورجحه النووي، وحكاه الإسماعيلي عن رواية شيخه المنيعي من طريق عثمان بن عمر عن قرة، والمعنى: لقد شقيت أي ضللت أنت أيها التابع، حيث تقتدي بمن لا يعدل، أو حيث تعتقد في نبيك هذا القول الذي لا يصدر عن مؤمن. انتهى.
واختار هذا القول الأخير الإمامان؛ شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية، والحافظ ابن القيم رحمة الله عليهما.
قال شيخ الإسلام قدس الله روحه: إذا جوز أن الرسول يجوز أن يخون ويظلم فيما ائتمنه الله عليه من الأموال، وهو معتقد أنه أمين الله على وحيه فقد اتبع ظالما كاذبا، وجوز أن يخون ويظلم فيما ائتمنه من المال من هو صادق أمين فيما ائتمنه الله عليه من خبر السماء؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيأمنني من في السماء ولا تأمنوني» أو كما قال، يقول - صلى الله عليه وسلم -: إن أداء الأمانة في الوحي أعظم، والوحي الذي أوجب لله طاعته هو