فصل
وأما الخوارج فهم أول من كفّر المسلمين بالذنوب، ويُكفِّرون من خالفهم في بدعتهم، ويستحلون دمه وماله.
قال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يراهم شر خلق الله، وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين. انتهى.
وحكي عنهم أنهم لا يتبعون النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا فيما بلغه عن الله من القرآن والسنة المفسرة له، وأما ظاهر القرآن إذا خالفه الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا يعملون إلا بظاهره، ذكر ذلك شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية قدس الله روحه، ولهذا كانوا مارقين، مرقوا من الإسلام مروق السهم من الرمية كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم.
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه، وقد خرَّج مسلمٌ أكثرَها في صحيحه، وخرّج البخاري طائفةً منها.
وبدعتهم هي أول بدعة حدثت في الإسلام، وأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو ذو الخويصرة التميمي، الذي اعترض على النبي - صلى الله عليه وسلم - وطعن عليه في قسمته العادلة بالاتفاق؛ وقال له في وجهه: اتق الله واعدل، فإنك لم تعدل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ويلك، ومن يعدل إذا لم أكن أعدل، لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل»، وفي رواية: «فمن يطيع