لا إله إلا الله مُصرًّا بقلبه على ترك الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم، وليس سواء؛ لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية، وترك الفرائض متعمدا من غير جهل ولا عذر هو كفر، وبيان ذلك في أمر آدم، وإبليس، وعلماء اليهود؛ أما آدم فنهاه عن أكل الشجرة وحرمها عليه، فأكل منها متعمدا ليكون ملكا أو يكون من الخالدين، فسمي عاصيا من غير كفر، وأما إبليس فإنه فرض عليه سجدة واحدة، فجحدها متعمدا فسمي كافرا، وأما علماء اليهود فعرفوا نعت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه نبي رسول كما يعرفون أبناءهم، وأقروا به باللسان، ولم يتبعوا شرائعه، فسماهم الله كفارا؛ فركوب المحارم مثل ذنب آدم وغيره من الأنبياء، أما ترك الفرائض جحودا فهو كفر مثل كفر إبليس، وتركهم على معرفة من غير جحود فهو مثل كفر علماء اليهود، والله أعلم.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى: وعن أحمد رحمه الله تعالى رواية ثانية: لا يكفر إلا بترك الصلاة والزكاة فقط.
وذكر هذه الرواية أيضا الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى.
ويستدل لهذه الرواية بآيتين من كتاب الله عز وجل، وحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فأما الآيتان فالأولى منهما: قوله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]، فعلق أخوتهم للمؤمنين بإيتاء الزكاة، فإذا لم يفعلوا لم يكونوا إخوة للمؤمنين، فلا يكونون مؤمنين لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلم أخو المسلم»، وتقدم مثل ذلك في الصلاة.